للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما رُفعت أعلامك الصُّفْر ساعة … إلى أن غَدَتْ أكبادُها السُّود تَرْجُفُ

أَيَسْكُنُ أوطانَ النَّبيِّين عُصْبَةٌ … تمينُ لدى أَيمانها وهي تَحْلِفُ

نَصَحْتُكُمُ والنُّصْح في الدِّين واجبٌ … ذَرُوا بيتَ يعقوبٍ فقد جاء يوسفُ (١)

وكتب الفاضل إلى بغداد كتاب الفَتْح، فأمر الخليفة بضرب البُوقات والدَّبادب على أبواب الأُمراء ما عدا طبول الخليفة، ولم يشهد تقيُّ الدِّين هذه الغَزَاة، لأَنَّ قليج رسلان نزل على حصن رَعْبان في عشرين ألفًا، وادَّعى أنه له، فسار تقيُّ الدين إليه في ألف فارس، فهزمه، فكان تقيُّ الدين يُدِلُّ بهذه الوقعة حيث هَزَمَ ألوفًا بألف.

وفيها خَتَنَ السُّلْطان ولده العزيز عثمان، واتخذ له يوسف بن الحسين، ويعرف بابن المجاور معلِّمًا.

وتسلَّم فَرُّخْشاه بَعْلَبَك، ومات المستضيء.

البابُ الرَّابع والثلاثون في خلافة النَّاصر لدين الله أحمد

وكنيته أبو العَبَّاس، ولد سنة اثنتين أو ثلاث وخمسين وخمس مئة، وأمه زُمُرّد خاتون أم ولد، وكانت بيعته يوم الاثنين ثاني ذي القَعْدة، وله ثلاث أو اثنان وعشرون سنة، وتولَّى أخذ البيعة له ظهير الدين بن العَطَّار صاحب المخزن، على الرَّغم منه، لأَنَّه كان يميل إلى أخيه الأمير أبي منصور خائفًا من أبي العباس، وانتظر مساعدة بنفشا، فلما جاءه أمر بالخُطْبة لأبي العباس، أُسْقِطَ في يده، وساعد بنفشا مجدُ الدِّين ابنُ الصاحب أُستاذ الدار، وطاشتِكِين أمير الحاج، ثم قُتِلَ ابنُ الصَّاحب، وحُبس طاشتكين بعد ذلك، وحَضَرَ القضاة والأشراف وبنو هاشم وغيرهم وأخوه أبو منصور، وضياءُ الدِّين الشَّهْرُزُوري رسولُ صلاحِ الدين، وبايعوه، وقبض في ذلك اليوم على سَعْد الشَّرابي، وأحسنَ إلى بنفشا، وكان المستضيء أراد أن يعهد إلى الأمير أبي


(١) ليست هذه القصيدة في ديوانه المطبوع، وقد استدركها محققه من "كتاب"الروضتين": ٣/ ٣٨ - ٣٩، انظر "الديوان": ٢/ ٤٠٩.