للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسجدًا، واشترى بباقي الذهب كُتُبًا، ووقفها في المسجد [ينتفع الناس بها، وهي باقية إلى هلمَّ جرا، وكانت وفاته في شوال، ودفن في المسجد] (١) المذكور، [سمع أبا الفضل بن ناصر وغيره] (١)، وكان سيِّدًا جليلًا، نبيلًا زاهدًا، وَرِعًا.

عَلَم بنت عبد الله بن المبارك (٢)

زوجة الزَّبيدي (٣) [شيخ الوزير ابن هُبيرة] (١)، كانت تضاهي رابعة العدوية، وتقرأ القرآن، ولا تَفْتُرُ من الذِّكْر، ولم يكن في زمانها مِثْلُها، وكانت صابرةً على الفقر، وَرِعَةً، مَرِضَ ولدُها أحمد بنُ الزَّبيدي، فاحْتُضر، وجاء وقتُ الصَّلاة، فقالت: يا بني ادخل في الصَّلاة، فدخل وكَبَّر، فماتَ، فخرجت إلى النِّساء، وقالت: هنئنني. قلن: بماذا؟ قالت: ماتَ ولدي في الصَّلاة.

توفيت ببغداد، وعمرها مئة سنة وستّ سنين، ولم يتغيَّر عليها من حواسها شيء، [بل كانت كأنَّها يوم ولدت] (١).

محمد بن الحسين بن الحسن (٤)

أبو الفرج [الهِيْتي] (١)، ولد بهِيت (٥) سنة خمس وتسعين وأربع مئة، وسكن بغداد، وكان فاضلًا، فمن نظمه: [من السريع]

يا راقدًا أَسْهَرَ لي مُقْلَةً … عزيزةً عندي وأبكاها

ما آن للهِجْران أن ينقضي … عن مُهْجةٍ هَجْرُكَ أَضْناها

إن كنتَ ما تَرْحَمُني فارْتَقِبْ … يا قاتلي في قتليَ اللهَ

ومن نثره: من كان الصَّمتُ شجرتَه كانت السَّلامةُ ثمرتَه. وفي احتراز اللبيب ما يُغْنيه عن الطبيب، من ترك المِرا استمال الوَرَى.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) لها ترجمة في "النجوم الزاهرة": ٦/ ٨٥.
(٣) هو محمد بن يحيى، سلفت ترجمته في وفيات سنة (٥٥٥ هـ).
(٤) له ترجمة في "الخريدة" قسم شعراء العراق: مج ١ / ج ٤/ ٢٨٦ - ٢٨٨، و"الوافي بالوفيات": ٣/ ١٩ - ٢٠.
(٥) هيت: بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار، "معجم البلدان": ٥/ ٤٢١.