للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونهبَ العامةُ داره، وأحرقوا سقوفها، وكانت على دِجْلة، فلما كانت ليلة السبت ثامن ذي القَعْدة نُقِلَ إلى التَّاج، وقيد، وأُخرج ليلة الأربعاء حادي عَشَرِه ميتًا، وفيه آثارُ الضَّرْب، فيقال: إنَّه مات تحت الضرْب، فَسُلِّم إلى أُخته، فغسَّلَتْه وكَفَّنته، فلما كان وقتُ الفجر من يوم الأربعاء أخرج تابوته على رؤوس الحمَّالين ليذهبوا به إلى قبر الإمام أحمد رحمة الله عليه، وبلغَ التَّابوت عقد الحديد، فصاح بعضُ الناس: يا عوام، هذا ابنُ العَطَّار الذي سلط عليكم مسعود النقيب [وأخذ أموالكم، وفعل وفعل] (١)، ورجمه بآجُرَّةٍ، وتتابع الرَّجم، فرمى الحمَّالون التابوت وانهزموا، فجرَّدوه من الكفن، وشدُّوا في رِجْله شريطًا، وسحبوه إلى دروب بغداد، [وصاحوا عليه: يا عجيل ابن عجيل، وشوَّهوا به] (١)، ومثلوا أقبح مُثْلة، وكان مسيئًا إلى [الشيعة أهل المختارة والكرخ ومشهد موسى بن جعفر، وقطع أرزاقهم وبدَّد شَمْلَهم] (٢)، ثم جمعوا له حطبًا ليحرقوه بعد أن قطعوا لحمه قِطعًا، فركب قطروش الشِّحْنة، وأراد [أن يخلصه] (٣) منهم، فرجموه وقاتلوه إلى الليل، [فحجز الليل بينهم] (١) وبقي من لحمه قطعة، فجاء ناسٌ، فدفنوها عند مقابر الإمام أحمد بن حنبل.

وظهير الدين هذا هو ابنُ الشيخ نَصْر [ابن العطار] (١) الحَرَّاني، صاحب الصَّدقات والمعروف والبِرّ والصِّلات والفضائل والكرامات، وقد ذكرناه [في سنته التي توفي فيها] (١).

[السنة السادسة والسبعون وخمس مئة]

فيها استناب الخليفة في الوزارة جلال الدين هبة الله بن البخاري، وكان قد استناب سليمان بن ساروس بعد ابن العَطَّار في السنة الماضية، فأقام فيها ثلاثة أشهر، فعزله في المحرَّم في هذه السنة، لأَنَّه ظلم، ومدَّ يده إلى الأموال.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) في (ح): إلى الخلق، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) في (ح): خلاصه، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).