للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النُّورية، فجاؤوا إلى عين الجالوت والفرنج على الفولة، فصادفوا على عين الجالوت طائفةً من الفرنج، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأسروا مئة فارس، ورحل السُّلْطان إلى الفولة يطلب المصافّ، فتحصَّن الفرنج بالرَّاجل، ولم يخرج منهم أحد، فرحل السلطان إلى الطُّور، فلما كان في الليل ساروا طالبين عكا، ورحل السُّلْطان خلفهم يقاتل السَّاقة، فقتل منهم جماعةً، ودخلوا عكا، فعاد السُّلْطان على صفد، فنهب وأحرق، وعاد إلى دمشق.

ثم خرج في رجب إلى الكَرَك، وكان أخوه العادل قد كَتَبَ إليه أن يعوِّضه بحلب عوض مِصْر، فكتَبَ إليه أن يوافيه على الكَرَك، فالتقيا على الكَرَك، ونَصَبَ السُّلْطان عليها المجانيق، وحشد الفرنج ونزلوا [الواله] (١) قريبًا من الكرك، فرأى السُّلْطان أن حصار الكرك يطول، فعاد إلى دمشق ومعه أخوه العادل، فأعطاه حلب، فسار إليها، وبها الملك الظاهر ولد السُّلْطان وسيف الدين أزكش، فسلَّماها إليه، وقدم الظاهر دمشق ومعه أزكش في شوال، وأقام الظاهر في خدمة أبيه، راضيًا في الظَّاهر، وفي الباطن ما فيه.

وفيها وصل عبدُ الرَّحيم شيخُ الشيوخ من بغداد رسولًا إلى صلاح الدِّين، ومعه محيي الدِّين أبو حامد محمد بن قاضي القضاة كمال الدين الشَّهْرُزُوري رسولًا من المواصلة، فأغلظ [محيي الدين] (١) للسلطان وقال: [(٢) تحلف لعز الدين أن هذه] الجزيرة وما يقطع الفرات من ناحية المشرق يكونوا مضافين إلى عز الدين، ولا تعلُّق لك بهم، وإلا جاء البهلوان وملوك العجم إليك، واتفقوا عليك. فغضب السُّلْطان وقال: أنا قاصدٌ إليكم، فإذا فرغت منكم سرت إلى البهلوان.

وفي ذي الحِجَّة أمر الخليفة أن لا يستخدم في الديوان يهودي ولا نَصْراني، ولا يُسْتعان بهم في عملٍ من الأعمال، فأُنهي أن ابن زطينا اليهودي ليس له نظيرٌ في الكتابة، فكَتَبَ على المطالعة: مات ابن زطينا، أيش نعمل؟ نبطل الديوان؟ فأسلم ابن زطينا يومئذٍ.

وحجَّ من العراق طاشْتِكِين.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) في (ح): "يحلف أمراء له على أهل الجزيرة"، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).