للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صرتُ من جُمْلَةِ النَّواصبِ لا آ … كُلُ غيرَ الجِرِيِّ والجرْجِيرِ

وتكَحَّلْتُ واغتسلتُ ثلاثًا … وطبختُ الحبوبَ في عاشورِ

وتبدَّلْتُ مِنْ مبيتيَ في مَشْـ … ـهدِ موسى بجامعِ المنصورِ

فتكون المسؤول عن مؤمنٍ ألـ … قَيتَهُ أنتَ في عذاب السَّعيرِ (١)

فضحك العلويُّ، وأطلق له العطاء.

وكتَبَ إلى العماد الكاتب: قد كَلِفَ الخادمُ مكارمه وإن لم يكن للجودِ عليها كُلْفة، وأتحفه بما وجَّهه إليه من أمله وهو لعَمْرُ الله تُحفة، أهدى فروة دمشقية، سَرِيَّة نقية، يلين لمسها، ويزين لبسها، دِباغَتُها نظيفة، وخياطتها لطيفة، طويلة كطَوْله، سابغة كأَنْعُمه، حاليةٌ كذِكْره، جميلةٌ كفِعْله، واسعة كصَدْره، نقية كعِرْضه، رفيعة كقَدْره، موشية كنَظْمه ونَثْره، طاهرةٌ كطهارة باطنه، يتجمَّل بها اللَّابس، ويتحلَّى بها في المجالس، فهي لخادمه سِرْبال، وله -حَرَسَ الله مَجْدَه- جمال، تذهب خميلةُ وَبَرِها، ويبقى حميدُ أثرها، وقد نَظَمَ الخادمُ أبياتًا ركب في نَظْمها الغَرَر، وأهدى بها التَمْر إلى هَجَر، إلا أَنَّه قد وَضَعَ الطِّيب عند عَطّاره، وعَرَضَ الثوب في يدي سِمْساره، وهي في خِفارة نسبه وكَرَمه: [من مجزوء الرمل]

بأبي من ذُبْتُ في الحُـ … بِّ له شَوْقًا وصَبْوَهْ

كلَّما زادَ جَفاءً … زادَ مِنْ قلبيَ حُظْوَهْ

شَقْوَتي ما تنقضي في … حُبِّهِ والحبُّ شَقْوَهْ

بُحْتُ شَجْوًا فيه والمَحْـ … ـزونُ لا يَكْتُمُ شَجْوَهْ

لو أجابَ الله للعا … شقِ في المعشوقِ دَعْوَهْ

لسألتُ اللهَ أَنْ يُنْـ … ـصفني في حُبِّ عَلْوَهْ

مَلَكَتْ قلبي وقد كا … ن من الحُبِّ بنَجْوَهْ

كَتَبَتْ فيه هوًى لا … يملك العاذِلُ مَحْوَهْ

يا مليحَ الدَّلِّ زِدْ جَوْ … رًا على القَلْب وقَسْوَهْ

لي بمَنْ ماتَ بداءِا الـ … ـحُبِّ في عِشْقك أُسْوَهْ

لا أتاحَ اللهُ لي وَصـ … ـلكَ إنْ أَضْمَرْتُ سَلْوَهْ


(١) ديوانه: ٢١٤ - ٢١٥، مع اختلاف في بعض الألفاظ.