للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عيسى بن مودود فخر الدِّين (١)

صاحب تكريت، وكان له أخوة: علي وأزغش وغيرهما، فاغتاله عليٌّ فقتله، وأظهر أنَّ غِلْمانه قتلوه، وكان حَسَنَ السِّيرة، جَوادًا لا يدَّخر شيئًا، ولا يردّ سائلًا، ولا يخيّب قاصدًا، وكان فاضلًا، ومن شعره: [من الوافر]

أرى الأَيّامَ محكومًا عليها … ولا حُكْمَ لها فعلامَ عَتْبُ

فلا تتوهَمَنَّ الأَمرَ سَهْلًا … أَما واللهِ إنَّ الأمرَ صَعْبُ

قضاءُ اللهِ مقدورٌ علينا … ولكنْ فيه للإنسانِ كَسْبُ

محمد بن قائد (٢)

الشيخ الزّاهد، من أهل أَوانا: قرية كانت بالدُّجَيل، كان صاحبَ كراماتٍ وإشارات ومجاهدات ورياضات، وكلامٍ على الخواطر، وبيانٍ عمّا في الضَّمائر، وكان يجتمع عنده في المواسم خَلْقٌ عظيم، وكان قد أُقعد زمانًا، فكان يُحمل في مِحَفَّة إلى الجامع يوم الجمعة، واستُشْهد في هذه السنة، وسببه أنه قَدِمَ أَوَانا واعظٌ يُعَرف بالزَّرزور، فجلس بجامع أَوانا، ونال من الصَّحابة، وكان سعود الخادم والي دُجَيل حاضرًا، فلم يُنْكر عليه، فقيل للشيخ محمد: الواعظُ يسبُّ الصَّحابة وسعود جالسٌ عنده ولا ينكر عليه، فقال: احملوني، فحملوه في مِحَفَّة إلى عند المنبر، فصاح على الزرزور: انزل يا كلب أنتَ ومن تعتزُّ به. وكان يدَّعي إلى سنان مقدَّم الإسماعيلية، وثار العوام، فرجموا الزرزور، وهَرَبَ سعود، وتعصَّب للواعظ قومٌ، وخلَّصوه من القَتْل، فهرب إلى الشّام، واجتمع بسنان، [وحكى له صورة الحال] (٣)، فيقال: إنَّ سنان بَعَثَ إليه رجلين في زِيّ الصُّوفية، فجاءا إلى الشيخ، فأقاما عنده بالرِّباط تسعة أشهر يصومان ويصلِّيان وهو لا يعرفهما، [وكانا يتوقعان فرصة،] (٣) فقال الشيخ يوم الأربعاء


(١) له ترجمة في "الكامل": ١١/ ٤٧٧، ١٢/ ٤٢، "وفيات الأعيان": ٣/ ٤٩٨ - ٥٠٠.
(٢) له ترجمة في "الوافي بالوفيات": ٤/ ٣٥٢.
(٣) ما بين حاصرتين من (م).