للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذَّخائر، ودخلها السُّلْطان، وصَعِدَ على السور، فرأى خَلْقًا عظيمًا، وخرج إلى المخيم.

فلما كان يوم الأربعاء الحادي والعشرين من شعبان خَرَجَ الفرنجُ بالفارسِ والرّاجل، وكان في ميمنة السُّلْطان تقي الدين صاحب حماة، فترفَّع عنهم قليلًا قليلًا، فانتهوا إلى التَّل وعليه خيمةُ السُّلْطان، فقتلوا بعضَ الحاشية وجماعةً من أهل السوق، ثم حملت عليهم ميمنةُ السُّلْطان، فانهزموا، وقُتِلَ منهم خمسة آلاف، وأُسِرَ جماعةٌ، وكان فيهم نسوةٌ بزِيِّ الخيّالة، فسئل بعضُ المأسورين: كم عِدَّتكم؟ فقال: مئة ألف.

ورجع السُّلْطان إلى خيمته، وأمر بالقَتْلى، فطرحوا في النهر الذي يشرب منه الفرنج، وكل يوم يأتي الفرنج مَدَدٌ وقوة، وقيل: كانوا ألفي فارس وثلاثين ألف راجل مقاتلة، والباقي أتباع، وباب عكا مفتوحٌ من ناحية القلعة المسماة بقلعة الملك إلى باب قَراقوش الذي جدَّده.

وتوفي سُنْقُر الخِلاطي، فحزن السُّلْطان عليه [حزنًا كبيرًا] (١).

وكان السُّلْطان يباشر الأمور بنفسه ليلًا ونهارًا، وكان العسكر الذي بعكا يخرجون ويقاتلون، ولما كان في اليوم الحادي والعشرين من شعبان رأى السُّلْطان التوسعة عليهم لعلهم يخرجون فيظفر بهم، فارتفعَ إلى تل العياضية، ومات حسام الدين طُمان، فدفن في هذا التل، وطال القتالُ بين الفرنج وأهل البلد، فصار يتحدَّث بعضُهم مع بعض، وأبطلوا القتال، وأخرجوا الصّغار يتصارعون، فلما كان يوم الأحد خامس عشرين شعبان خرج الفرنج الفارس والرّاجل، ووقفوا أطلابًا، واصطفوا ميمنة وميسرة وقلبًا، فركب السلطان، وصفَّ أصحابه، فجعل في الميمنة ولده الملك الأفضل والظّافر وعسكر الشرق وديار بكر، وحسام الدين ابن لاجين صاحب نابُلُس، وقيماز النجمي، وفي طرفها تقي الدين عمر، وفي الميسرة سيف الدين علي بن المشطوب مقدَّم الأكراد ومجلي والمهرانية، ويرنقش مقدَّم عسكر سِنْجار، ومظفر الدين ابن زين الدين [والأسدية] (١)، ووقف السُّلْطان في القلب، وخَرَجَ يدور على الأطلاب، وبين


(١) ما بين حاصرتين من (م).