للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مالك على مُضَر ونزل الحيرة، فأقام مدةً، ثم مات.

[فصل]

فملك بعده ولدُه جَذيمةُ، ويُلقَّب بالأبرش، والوضَّاح لوَضَحٍ كان به، وكان من أفضل ملوك العرب رأياً، وأشدهم نكاية (١)، وهو أول مَن اجتمع له مُلك العراق، وحكم على العرب، وكانت منازلُه من الحيرة إلى الأنبار وهِيت وعَيْنِ التّمرِ.

وكان لا يُنادم إلا الفَرقَدَيْن ترفُّعاً، وكان إذا شرب قَدَحاً صبَّ لهما قَدَحَيْن، وكانت تُجبى إليه الأموالُ، وتَفِدُ عليه الوفودُ، وفي أيامه كانت زَرْقاء اليمامة.

[فصل في ذكرها]

كان قد خرج جَذيمة يغزو طَسْماً وجَدِيْساً، فوجد حسَّان بن تبع الحِمْيَري قد سبقه إلى غزوهم، فعاد جَذيمة إلى منازله.

وسبب غزو حسانَ لهم: أنه كان لهم ملك يقال له: عملوق، وكان جباراً فاتكاً فاسقاً، وكان من طَسْم وهو حاكم على جَديس، ظالماً لها بحيث أنه لا يُزَفُّ من جَديس امرأةٌ إلى زوجها إلا وتُحمَلُ إليه، فيَفتَرِعَها عملوق قبل زوجها.

فتزوَّجت امرأة شريفة في جديس يُقال لها: الشَّموس بنت عَفار أخت الأسود بن عَفار الجَدِيسي، فلما كانت ليلة زفافها ذهبوا بها إلى عملوق، فافتَرعها وخلَّى سبيلها، فخرجت على قومها في دمائها، وقد شقَّتْ جيبَها، وكشفتْ عورتها، وقالت تُحرِّضُ جَديساً على طَسْم: [من الطويل]

أيَصلُح ما يُؤتى إلى فَتياتِكم … وأنتم رجالٌ فيكمُ عددُ النَّملِ

أيَحسُن تمشي في الدِّما فَتياتُكم … صبيحةَ زُفَّت في النساء إلى البَعْلِ (٢)

فإن أنتُم لم تَغضَبوا عند هذه … فكونوا نساءً لا تَريموا (٣) من الكحلِ


(١) في النسخ: مكانة، والمثبت من المنتظم ٢/ ٥٠.
(٢) في مروج الذهب ٣/ ٢٧٩: أيحسن تمشي في الدماء فتاتكم، وفي معجم البلدان (يمامة) ٥/ ٤٤٣: أيجمل تمشي في الدماء فتاتكم. . . في العشاء إلى بعل.
(٣) في أسماء المغتالين لابن حبيب (نوادر المخطوطات) ٢/ ١١٩، ومعجم البلدان، والخزانة: لا تَغِبّ، وفي الأغاني ١١/ ١٦٦، وتاريخ ابن الأثير ١/ ٣٥٣: لا تُعاب، وفي مروج الذهب ٣/ ٢٧٩: تغيضوا.