للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان في بداية أمره أحدَ العدول ببغداد، ثم خَدَمَ في ديوان الأبنية، ولما مات أبوه توكَّل لأُم الخليفة، ثم ولي صاحب ديوان، ثم استوزره الخليفة وبعثه إلى طُغْريل، فكسره، وقد ذكرناه، وعا د إلى بغداد، فولاه الخليفة الديوان والمخزن، ثم ولاه أُستاذ دار، ثم عزله.

وكان قد قرأ القرآن وتفقَّه، وكان فاضلًا في الأُصولَين، والحساب، والهندسة، والجبر والمقابلة، غير أَنَّه شان فَضْلَه لَجاجُه ومخالفتُه الأمراء، وأخرب بيت الشيخ عبد القادر، وشتَّت أولاده، ويقال: إنه بعث في الليل مَنْ نَبَشَ الشيخ عبد القادر، ورمى عظامه في اللُّجَّة، وقال: هذا وقف ما يحِلُّ أن يدفن فيه أحد.

ولما اعتقله الخليفة كَتَبَ فتوى بأَنَّه كان سببًا لهزيمة العسكر، وذكر فيها أشياء أُخَر، فأفتَوْا بإباحة دمه، فَسُلِّم إلى أحمد بن الوزير ابن القَصَّاب، فبقي في داره، فلما مات ابنُ القَصَّاب اعتقل في التَّاج، فأُخرج في سابم عشر صفر ميتًا، ودفن بالسِّرداب.

محمد بن صدقة (١) بن علي (٢)

أبو المحاسن، البُوشَنْجي.

ولد سنة سبع عشرة وخمس مئة، واشتغل بالأدب، وبَرَعَ في الفَضْل، وكان يتوزَّر للأمراء، وقال يرثي أزدق بن قماح: [من الطويل]

سقى الله أرضًا ضمَّ أزدق عارضًا … شآبيبه مُنْهَلَّةٌ كنَوَالِهِ

فوالله لا جادَ الزَّمانُ بمِثله … ولا بَرِحَتْ عينُ العُلَى عن خيالِهِ

وقال:

بِتْنا وشعارُنا التُّقى والكرمُ … والشَّمْلُ بساحةِ اللِّقا ملتئمُ

نشكو ونبثُّ ما خباه الأَلَمُ … حتَّى بَسَمَ الصُّبْحُ ولاحَ العَلَمُ


(١) له ترجمة في "خريدة القصر"، قسم شعراء العراق: ج ١/ ٢٥٧ - ٢٥٩، و "التكملة" للمنذري: ١/ ٢٨٨، و"الوافي بالوفيات": ٣/ ١٥٩.
(٢) في "التكملة" و"الوافي": محمد.