للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرُّعْب وقيل: جاءكم سُلْطان مِصْر والعساكر. فتركوا المجانيق والدَّبَّابات والآلات بحالها، والخيم وما فيها، وهربوا في اللَّيل إلى صور، ثم بعثوا يطلبون الصُّلْح، فصالحهم العزيز على قاعدة صُلْح صلاحِ الدِّين، وخَلَعَ العزيز على المُعَظَّم عيسى بن العادل، وأعطاه سنجقًا ومنشورًا بدمشق، وعاد إلى مِصْر، ومضى العادل إلى ماردين، فحصرها في رمضان، وملك الرَّبَض، ولم يبق سوى القلعة.

وحجَّ بالنَّاس من بغداد أيلبا، ومن الشَّام زين الدين قَرَاجا مملوك صلاح الدين.

وفيها توفي

جُرْديك بن عبد الله النُّوري (١)

كان من أكابر أمراء نور الدين، [ثم خدم صلاح الدين] (٢) في جميع غَزَواته، وهو الَّذي قَتَلَ شاور بمِصْر وابنَ الخَشَّاب بحلب، وكان جَوَادًا، ولاه صلاح الدين القُدْس، ثم أخذه منه الأفضل، [وولاه أبا الهيجاء، وقد ذكرناه] (٢).

حسن بن مُسَلَّم بن أبي الحسن (٣)

أبو علي، الشيخ الزَّاهد، الحَنْبلي، الفارسي: من قريةٍ بنهر عيسى يقال لها الفارسية، كان من الأبدال، لازمًا طريق السَّلَف، أقام أربعين سنة لم يكلِّم أحدًا من النَّاس، وكان صائم الدَّهْر، وقائم اللَّيل، يقرأ كل يوم وليلة ختمة.

[وذكره جدي في صفوة الصفوة، وقال: وكان] (٢) زاهد زمانه، وكانت السِّباع تأوي إلى زاويته، و [كان] (٢) الخليفة وأرباب الدَّولة يمشون إلى زيارته. [وحدثني عنه شيخنا عبد الكريم ابن أخيه، وكان صالحًا، قال: كان عمي الشيخ حسن] (٢) يتمثل دائمًا [بهذا البيت] (٢): [من الطويل]

وما كُنْتُ إلا مثل قابضِ كَفِّه … على الماءِ خانَتْه فروجُ الأصابعِ


(١) سلفت أخباره في هذا الكتاب.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (س).
(٣) ترجمته في "معجم البلدان": ٢/ ٣١٨، ٣/ ٢٢٨، "التكملة لوفيات النقلة": ١/ ٣٠٠ - ٣٠١، "المختصر المحتاج إليه": ٢/ ٢٦، و"المذيل على الروضتين": ١/ ٧٨ - ٧٩، و"سير أعلام النبلاء": ٢١/ ٣٠١ - ٣٠٢، وفي "المذيل" تتمة مصادر ترجمته.