للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الأفضل، فإنَّه لما سار إلى مِصْر أرسل العادل وراءه أبا محمد نجيب الدِّين عَدْل الزَّبداني يقول له: ترفَّقْ، فإنَّا لك مثل الوالد، وعندي كل ماتريد. فقال للعدل: قل له: إن صَحَّ ما قلتَ فأبعدْ عنك أعدائي الصَّلاحية. وبَلَغَ الصَّلاحية، فقالوا للعادل: أيش قعودنا؟ قُمْ بنا. وساروا خَلْفَ الأفضل مرحلة مرحلة، فنزل الأفضل بِلْبِيس، ونزل العادل السَّانح، فرجع الأفضل، وضَرَبَ معهم المصافَّ، فكسروه، وتفرَّق عنه أصحابه، ودخل القاهرة، وأغلق أبوابها، وجاء العادل، فنؤل البِرْكة، ودخل سيف الدين أزكش بين العادل والأفضل، واتفقوا [على] (١) أن يعطيه العادل ميَّافارِقِين وجبل جور ودياربكر، ويأخذ منه مِصْر، ورحل الأفضل مِن مِصْر في ربيع الآخر، ودخل العادل القاهرة، وأحسن إلى أزكش، وقال للأَفْضل: جميع مَنْ معك كاتبني إلا سيف الدين، وقدَّم العادل أزكش، وحكَّمه في البلاد، ورَدَّ القضاء إلى صَدْر الدين عبد الملك بن دِرْباس الكُرْدي، وولَّى شيخ الشيوخ ابن حموية التدريس بالشَّافعي ومشهد الحسين، والنَّظر في خانكاه الصُّوفية، وجلس الوزير صفي الدين عبد الله بن علي بن شُكْر [وزير العادل] (١) في دار السَّلْطنة في حجرة الفاضل، ونَظَرَ في الدَّواوين، [قال العماد: وأخذ القوس باريها، وأجرى الأمور على أحسن مجاريها] (١).

وسار الأفضل إلى مَيَّافارقين، واستدعى العادل ولده [محمد] (١) الكامل إلى مِصْر، فخرج من دمشق في ثالث وعشرين شعبان، وودَّعه أخوه المعظَّم عيسى إلى رأس الماء.

قال العماد: وسرت معه إلى مصر، وأنشدته: [من البسيط]

دَعَتْكَ مِصْرُ إلى سُلْطانها فأَجِبْ … دُعاءها فهو حقٌّ غيرُ مكذوبِ

قد كاد يَهْضِمُني دَهْرِي فأدركني … محمدُ بنُ أبي بكر بن أبيوبِ

ووصل الكامل إلى مِصْر في عاشر رمضان، والتقاه العادل من العَبَّاسة، وأنزله في دار الوزارة، وكان قد زوَّجه بنتَ أخيه صلاح الدين، فدخل بها، ولم يقطع العادل


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).