للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتواضعهما، ما ردَّا قاصدين ولا خانا، وعاد إلى بغداد، فَمَرِضَ، وأقام ثلاثة أشهر مريضًا، ومات، ودُفِنَ بمشهد موسى بن جعفر، فقال الناس: إنَّ في ذلك لعبرة، وكانت له جِنازةٌ عظيمة.

ورَّامُ بنُ أبي فراس (١)

أبو الحسين، الحِلِّي، فقيه الشِّيعة، كان الخليفةُ يمضي إلى الحِلَّة يزوره، ويحمل إليه الأموال، فما قبل منه شيئًا، وكان زاهدًا متعبِّدًا، ومات بالحِلَّة، وحُمِلَ إلى الكوفة، فدفن بمشهد أمير المؤمنين، رضوان الله عليه.

السنة السَّادسة وست مئة

فيها قدم الجمال المِصْري رسولًا من العادل، وخرج في مقابلته ابن الضَّحَاك أُستاذ دار وآقباش النَّاصري، فالتقيا العادل على رأس العين، وهو قاصدٌ سِنْجار.

ونزلتِ الكُرْج على خِلاط، وبها الملك الأوحد بن العادل في عسكر خِلاط، وجاء ملك الكُرْج -[ويقال له] إيواني- في خَلْقٍ عظيم، وتحضَّن الأوحد في القلعة، وحَصَرَ إيواني البلد، وضايقه، وأَشْرَفَ على أَخْذه، فاصبح ذات يوم، فقال له منجِّمُه: البشارة لي. قال: وكيف؟ قال: ما تبات الليلة إلا في قلعة خِلاط. فشرب الخمر حتى ثَمِلَ، وركب في جيوشه، وقصد باب أرْجِيش، فخرج إليه المسلمون، فقاتلوه، ورأوا ما لا قِبَلَ لهم به، فبينا هم كذلك عَثَرَ به حصانُه، فقُتِلَ عليه جماعةٌ من خواصِّه، وأُخذ أسيرًا، فحمل إلى القلعة، فما بات إلا بها، ورحل الكُرْج عن البلد، وفرَّج الله عن أهله، ثم اتَّفق مع الأوحد على أن يرد ما فَتَحَ من بلاد المسلمين، ويطلق الأُسارى ومئة ألف دينار، ويزوِّج ابنته للأوحد.

وقيل: [إنما كانت وقعة إيواني] (٢) بعد حصار سنجار في سنة سبع وست مئة.


(١) له ترجمة في "الكامل" لابن الأثير، و"لسان الميزان": ٨/ ٣٧٥ - ٣٧٦، و"الأعلام" للزركلي: ٨/ ١١٣ وفيه وفاته سنة (٦٥٠ هـ) وهو خطأ.
(٢) في (ح): إنما كان ذلك بعد حصار. . .، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).