للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فكان أهل الفساد يتحيَّلون ويجعلون زقاق الخمر في الطبول، ويدخلون بها إلى دمشق، فمنع من ذلك] (١).

قال المصنِّف: بلغني أَنَّ بعضَ المغاني دخلت على العادل في عُرْس، فقال لها: أين كنتِ؟ قالت: ما قدرت آجي حتى وفيت ما عليّ للضَّامن. فقال: وأيّ ضامن؟ قالت: ضامن القيان. فقامتْ عليه القيامة، وطلب المعتمد، [وعمل به ما لا يليق] (١) وقال: والله لئن عاد بلغني مثل هذا لأفعلن وأصنعنَّ.

ولقد فعل العادل في غلاء مِصْر عقيب موت العزيز ما لم يفعله غيره، كان يخرج في اللَّيل بنفسه ومعه الأموال يفزقها في أرباب البيوت والمساكين، [ولولاه لمات الناس كلهم] (١) وكفَّن تلك الأيام من ماله ثلاث مئة ألف من الغرباء (٢).

وكان إذا مَرِضَ أو تشوَّش مزاجُه خَلَعَ جميع ما عليه وباعه حتى فرسه، وتصدَّق به، وثَبَتَ له على زكي الدِّين قاضي دمشق [لبيت المال] (١) عشرين ألف دينار، وشَرَعَ القاضي يستدينها من النَّاس، فقالت له بعضُ حظاياه: رأيتُ النبيَّ ﷺ في المنام وهو يوصيك بالقاضي. فأسقطها عنه، ورَدَّه إلى القضاء (٣).

[وقد ذكرنا مواقفه مع أخيه وغزواته وتدبيره مع الانكتار، ولولاه ما انتظم الصُّلْح] (١).

ذِكْرُ وفاته:

قد ذكرنا وصول شيخ الشيوخ إليه بخبر بُرْج دِمْياط، وأنه انزعج، [ودَقَّ بيده على صدره] (١)، وأقام مريضًا إلى يوم الجُمُعة إلى سابع أو ثامن جُمادى الآخرة، فتوفي بعالقين، وكان المُعَظَّم قد كسر الفرنج على القيمون يوم الخميس خامس جمادى الآخرة، وقيل يوم الأربعاء.


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) تعقبه الذهبي في "تاريخ الإِسلام" بقوله: هذا خسف من لا يتقي الله فيما يقوله.
(٣) انظر القصة مفصلة في "المذيل على الروضتين": ١/ ٣٠٤ - ٣٠٥، وقد ذكر نحوها ابن أبي أصيبعة في "عيون الأنباء": ٧٢٩ - ٧٣٠، وجعلها مع محيي الدين والد زكي الدين الطاهر، والصواب ما ذكره السبط وأبو شامة.