للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وحكى أبو الحسن علي بن حمدان الجرائحي، قال:] (١) كنتُ أبغض الحنابلة لما شاع عنهم من سوء الاعتقاد، فمرضت مرضًا شنَّج أعضائي، وأقمتُ سبعة عشر يومًا لا أتحرَّك، وتمنيتُ الموت، فلمَّا كان وقت العشاء جاءني الموفق، وقرأ عليَّ آياتٍ ورقاني، وقال: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الإسراء: ٨٢] ومَسَحَ على ظهري، فأحسستُ بالعافية، وقام، فقلت: يَا جارية، افتحي له الباب. فقال: أنا أروح من حيثُ جئت. وغاب عن عيني، وقمتُ من ساعتي إلى بيت الوضوء، فلما أصبحتُ دخلتُ الجامع، فصلَّيتُ الفجر خلفَ الموفق وصافحته، فعصر يدي، وقال: احذر أن تقول شيئًا، فقلتُ: أقول وأقول.

وقال قوَّام جامع دمشق: كان ليلة يبيت بالجامع تُفتح له الأبواب، فيخرج، ويعود فَتُغْلق على حالها.

ذِكْرُ وفاته: [وحكى] (٢) إسماعيل بن حماد الكاتب البغدادي [قال:] (٣) رأيتُ ليلة عيد الفطر كأَنَّ مُصْحَف عثمان قُد رُفِعَ من جامع دمشق إلى السَّماء، فلحقني غَمٌّ شديد، فتوفي الموفق يوم العيد.

ورأى أَحْمد بن سَعْد [أخو محمَّد بن سَعْد الكاتب] (٣) المقدسيّ، وكان من الصَّالحين، قال: رأيتُ ليلة العيد ملائكة ينزلون من السماء جُمْلة، وقائل يقول: انزلوا بالنوبة. فقلتُ: ما هذا؟ قال: يتلقون روح الموفق الطَّيّبة في الجسد الطَّيِّب.

وقال عبد الرَّحْمَن بن محمَّد العلوي: رأيتُ كأَنَّ النبيَّ ﷺ مات وقُبِرَ بقاسيون يوم عيد الفِطْر، [قال] (٣): وكنا بجبل بني هلال، فرأينا على قاسيون ليلة العيد ضوءًا عظيمًا، فظننَّا أَنَّ دمشق قد احترقت، وخَرَجَ أهلُ القرية ينظرون إليه، فوصل الخبر بوفاة الموفق، ودفن بقاسيون.

وكانت وفاته بدمشق، وحُمِلَ إلى قاسيون، وكان له جَمْعٌ عظيم.


(١) في (ح): وقال أبو الحسن بن حمدان الجرائحي … ، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) في (ح): ذكر وفاته، قال إسماعيل … ، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).
(٣) ما بين حاصرتين من (ش).