للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجرت بالعراق واقعة عجيبة ببغداد بقرية يقال لها بعقوبا، فيها نخل كثير، تولاها ناظر يتشيع، وكان بها رجل من أهلها له نخل، فصادره الناظر] (١)، وأخذ منه ألفي نخلة، فجعل يسبُّ النَّاظر، ويدعو عليه، وبلغ النَّاظر فأحضره، وأمر بضَرْبه، فقال له: بالله عليك، أنصفني. فقال: قُلْ. فقال: أنتم تسبُّون أَبا بكر وتقولون: أخذ فَدَك من فاطمة، وإنما في فدك نخلاتٌ يسيرة، تأخذ مني أَنْتَ ألفي نخلة وأسكت! فضحك النَّاظر، ورد عليه نخله.

وفيها قدم المسعود أقسيس من اليمن على أَبيه الكامل بالقاهرة، طامعًا في أَخْذ دمشق والشَّام، وكان معه من الهدايا شيءٌ عظيم، من جُمْلة ذلك ثلاثة أفيلة، أحدهم كبير يدعى الملك، وعليه مِحَفَّة ودرابزين يقعد فيها عشرة أنفس، وفيَّاله راكبٌ على رقبته، وبيده كُلَّاب حديد يضربه به، ويصرفه كيف أراد، وخَرَجَ الكامل للقاءِ ولده، فلما قربوا من الكامل أمرهم سُوَّاسهم، فوضعوا رؤوسهم على الأرض بين يدي الكامل خدمةً له، وكان في الهدية مئتا خادم، وأحمال عود، ونَدّ ومِسْك، وعنبر، وتُحَف اليمن.

وفيها بني الكامل دار الحديث التي بين القَصْرين.

وفيها تُوفِّي

أَحْمد بن محمَّد بن عليّ (٢)

أبو العَبَّاس، القادسي الضَّرير، الحَنْبلي، والد صاحب "الذَّيل" (٣).

قرأ القرآن وسمع، وكان حنبليًّا خشنًا؛ طلب المستضيء من يصلّي به التراويح في رمضان، فأحضروه، وقالوا: أي شيء مذهبك؟ قال: حنبلي، قالوا: ما يمكن أَنْ يصلي


(١) في (ح): وفيها كان ببعقوبا رجل له نخل كثير، ووليها ناظر متشيع، فصادره، وأخذ منه ألفي نخلة … ، وما بين حاصرتين من (ش).
(٢) له ترجمة في "التكملة": للمنذري ٣/ ١٣٠ - ١٣١، و"المذيل على الروضتين": ١/ ٢٧٦ - ٣٧٧، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٣) ابنه هو محمد، كان له اعتناء بالتواريخ، وله "ذيل المنتظم"، و"أخبار الوزراء"، وكلا الكتابين لم يصل إلينا، وتوفي سنة (٦٣٢ هـ) ببغداد، انظر ترجمته في "التكملة" للمنذري: ٣/ ١٣١، و"وفيات الأعيان": ١/ ٣٢٩، و"الوافي بالوفيات": ٢/ ١١٧.