للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هبة الله أبو القاسم بن رواحة، أحد العدول (١)

بنى المدرسة الشَّافعية المجاورة لمدرسة الحنابلة بباب الفراديس، وأوقف عليها الأوقاف، وتوفي في رجب، ودفن بمقابر الصُّوفية.

[السنة الرابعة والعشرون وست مئة]

فيها عاد الأشرفُ إلى بلاده، وقَدِمَ رسول الإنبرور على المعظَّم بعد اجتماعه بالكامل، فطلب الفتوح، فأغلظ له المعظم، وقال: قُلْ لصاحبك: ما أنا مثل الغير، ما له عندي سوى السَّيف.

وفي شعبان أمر المعظم الجمال عبد الله بن الحافظ عبد الغني أن يرتّب "مسند الإِمام أَحْمد" -رحمة الله عليه- على أبواب الفِقْه، فقعد في الكلَّاسة، ومعه جماعةٌ من المحدِّثين، منهم الشرف الإربلي، فرتَّبوه، فمات المعظم وهم على ذلك.

وحجَّ بالنَّاس من الشَّام الشجاع ابن السَّلار، ومن مَيَّافارقين الشِّهاب غازي بن العادل، وكان ثَقَلُه على ستِّ مئة جمل، ومعه خمسون هجينًا، كلُّ هجين عليه مملوك، وجهَّزه الملك الأشرف جَهازًا عظيمًا، وسار غربيّ الفُرَات على قرقيسيا وعانة والكبيسات والغمر والعين وشفاثا، وكلُّها قرى فيها عيونٌ جارية ونخل كثير، ومنها يجلب التَّمْر إلى الشَّام، وعلى كربلاء، فزار المشهد، ثم دخل الكوفة، وزار مشهد أمير المُؤْمنين علي، رضوان الله عليه.

وحجَّ بالنَّاس من العراق شمس الدين قيران مملوك الخليفة، وبَعَثَ الخليفة لشهاب الدِّين فرسين وبغلة وألفي دينار، وقال: هذه من مِلْكي، أَنْفِقْها في طريق الحج، وأوصى أمير الحاج بخِدْمته، وتصدَّق في مكة والمدينة، وعاد إلى العراق، ولم يَصِلِ الكوفة، بل سار غربيَّ الطريق التي سلكها، فكاد يَهْلِك ومن معه عطشًا حتَّى وصل إلى حَرَّان.


(١) له ترجمة في "المذيل على الروضتين": ١/ ٣٩٠ - ٣٩١، وفيه تتمة مصادر ترجمته.