للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِصْر، فقال: قد جاءني مفتاح الشَّام. وسار إلى دمشق، [(١) ونمي (٢) إلى الأشرف والكامل أني قد أفتيت بقتالهما على المنبر، فأرعدا وأبرقا، وتواعدا عليَّ (٣) وتهدَّدا، ولذكر الله أكبر، فتوكلت على الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، واعتمدت عليه، ومن يعتمد عليه يصفو له شربه، وأحيط بدمشق من كل جانب]، وحَلَّ بها من الخراب والفساد والعجائب، وقبض النَّاصر على الفخر بن بصاقة، وابن عمه المكرم، وقيدهما ورماهما في الجُبِّ، واستأصلهما، وكان قد اتَّهم الفخر بالأشرف، وأنه لما مضى إليه في الرِّسالة واطأ على النَّاصر، وقال: هذا صبيٌّ لا يصلح للملك، وأنت أَوْلى، [(٤) فبلغني أنهما] تعاتبا في الجُبِّ، فقال الفخر للمكرم: بعد الأمر والنهي والجاه أصارنا الدَّهر إلى الحبوس والقيود، فسبحان مزيل النعم! فقال له المكرم: سبحانك! أي: أنت كنتَ السبب.

وفيها دخل الإنبرور إلى القُدْس، والحصار على دمشق، [وجرى له عجائب، منها أَنَّه] (٥) لما دخل الصخرة رأى قسيسًا قاعدًا عند القدم، يأخذ من الفرنج القراطيس، فجاء إليه كأَنَّه يطلب [منه] (٥) الدعاء ولكمه، فرماه إلى الأرض، وقال: يا خنزير، السُّلْطان تصدَّق علينا بزيارة هذا المكان تفعلوا فيه هذه الأفاعيل! لئن عاد دخل واحد منكم على هذا الوجه لأقتلنه. [وحكى صورة الحال قوام الصخرة، قالوا] (٥)، ونظر إلى الكتابة التي في القُبَّة: وقد طَهَّر هذا البيت المقدَّس صلاحُ الدين من المُشْركين. فقال: ومَنْ هم المشركون!

وقال للقوام: هذه الشِّباك التي على أبواب الصَّخرة من أجل أيش؟ قالوا: لئلا تدخلها العصافير. فقال: قد أتى الله إليها بالخنازير.


(١) في (ح): وسار إلى دمشق، وأحدق العسكر بها، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) ونمي، ساقطة من (ش)، وهي زيادة من عندنا لتستقيم العبارة.
(٣) في (ش): عليه، والمثبت يستقيم مع سياق العبارة.
(٤) في (ح): وتعاتبا … ، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).
(٥) ما بين حاصرتين من (ش).