للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة الثَّلاثون والست مئة

فيها فتح الكامل آمد، وكان قد ضربها بالمجانيق، وأنذر صاحبها [الملك] (١) المسعود مودود بن الصالح، وأعطاه إقطاعات كثيرة، فلم يلتفت، فلما رأى الغَلَبة خرج إلى الكامل، وفي رقبته منديلٌ، فوكل عليه، ودخل البلد، وتسلَّمه، واستولى على أمواله وذخائره، وطلب منه تسليم القِلاع، فَسَلَّم الجميع، وبقي حِصْن كيفا عاصيًا، فبعث الكاملُ الأشرفَ وشهابَ الدِّين غازي، ومعهما صاحبُ آمد تحت الحوطة، فلم يُسَلِّموا، فعذَّبه الأشرفُ عذابًا عظيمًا، وكان يبغضه. قال [لي] (١) الأشرف: وجدنا في قصره خمس مئة حُرَّة من بنات النَّاس للفراش. ثم سُلِّمت القلعة في صفر.

وعاد الأشرفُ إلى دمشق، وسمع "البخاري" على الحسين بن المبارك بن الزَّبيدي، وتوفِّيت للأشرف ابنة، فدفنها في بُسْتان العلاء بن القلانسي بقاسيون عند دير الحنابلة ظَنًّا منه أن ابن القلانسي لا يتوقف في مثل هذا، [ولو دفنها في داره] (١) لأَنَّ الأشرف كان مُحسنًا إليه، فَشَقَّ على العلاء، وقال: هذا المكان وقفٌ. وشنَّع، وبلغ الأشرف، فاشترى تُرْبة الشَّرف يعقوب، ونقلها إليها، واشترى لها ملكًا، ووقفه عليها، وسأله المقادسة أن يكون وقفًا عليهم دون غيرهم، فأجابهم، [ثم اجتمعنا عنده بعد ذلك في النَّيرب، فقال] (١) له بعضُ أصحابه: قد خصصتَ بهذه الدار المقادسة، ولهم الضِّياع والأوقاف، فالغريب إذا وَرَدَ أين ينزل؟

قال المصنِّف ﵀: وكنتُ عنده بالنَّيرب، فالتفتَ إليَّ، وقال: قال هذا الصحيح، فهل يمكن أن يضاف إلى الوقف ما قال في حَقِّ الغرباء؟ فقلتُ: بعد أن حكم الحاكم لا يجوز تغييره بإجماع الفقهاء، أما قبل حكم الحاكم ففيه خلاف. وكان الكامل بدمشق، فأمر باستئصال ابنِ القلانسي وهلاكه، فقال الأشرف: لا حاجة إلى هذا، بلى لا يدخل عليَّ بعدها.


(١) ما بين حاصرتين من (ش).