للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها فُتحت دارُ الحديث الأشرفية المجاورة لقلعة دمشق ليلة النِّصف من شعبان، وأملى بها ابنُ الصَّلاح الحديث، ووقف عليها الأشرف الأوقاف، وبها نعل النَّبي ﷺ.

وفيها نزل ناصر الدين صاحب مارِدِين من قلعته، وجاءته عساكر الرُّوم، فحصروا حرَّان والرُّها والرَّقَّة، واستولوا على الجزيرة، وفعل الرُّوم في الجزيرة ما لا يفعله التتر، وكان القاضي علاء الدين الكردي في المستخدم يتوضأ، فجاءه حجر المنجنيق، فقتله، وكان بالرها.

وفيها توفي

عبد الله بن علي (١)

صفي الدِّين، ابن شُكْر، وزير العادل.

وأصله من الدَّمِيرة، قرية من أعمال مِصْر، كان وزيرًا، مهيبًا، عالمًا، فاضلًا، له معرفة بقوانين الوزارة، وعلى دولة العادل به جلالة، وعنايته مصروفة إلى العلماء والفقهاء والفضلاء والأدباء، والمدارس في أيامه عامرة، وآلاؤه عليها ظاهرة، والعِلْم نافق السُّوق، ومتجر الاشتغال يانع الأسوق، وأحواله جارية على النِّظام.

ثم انقضتْ تلك السنون وأهلها (٢)

وكان مالكيَّ المذهب، محبًّا لمن في العلم يرغب، وصنَّف كتابًا سماه "البصائر" بَرَّز فيه على الأوائل والأواخر، ومن جُمْلة ما ذكر فيه من فضائل دمشق: قال الصَّادق الذي استحال القول بمَيْنه: "قد وكل الله تعالى بكلِّ بلد ملكًا يحفظه إلا دمشق، فإنَّه يحرسها بعينه" (٣).


(١) وهم سبط ابن الجوزي في ذكره في وفيات هذه السنة، وتابعه على ذلك ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة": ٦/ ٢٨٠، والصحيح في وفاته أنها سنة (٦٢٢ هـ)، وقد ترجم له فيها أبو شامة في "المذيل على الروضتين": ١/ ٣١١، ٣٨٥ - ٣٨٤، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٢) هذا صدر بيت، عجزه: فكأنها وكأنهم أحلامُ، وهو لأبي تمام في "ديوانه": ٣/ ١٥٢.
(٣) لم أقف عليه بهذا اللفظ في دواوين السنة، والله أعلم.