للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان العادل قد انحرف عنه في آخر عمره، ونفاه إلى آمد، فأقام بها حتى توفي العادل، فأرسل الكامل وراءه، فجاء إلى دمشق، ولم يدخلها (١)، ونزل في بيت رانس عند المؤيَّد العقرباني، [وكان في أيام العادل يسير إليه ويجتمع عنده في درب الشَّعارين،] (٢) وكان قد قَلَّ نظره، ثم سار إلى مِصْر، ففوَّض إليه الكامل الأمور على عادته في أيام وزارته، فتوفي وهو على حُرْمته، وله بالقاهرة مدرسةٌ مشهورة.

الملك العزيز عثمان بن العادل (٣)

شقيق المعظم [لأبيه وأمه] (٢).

كان صاحب بانياس وتبنين وهُونين، والحصون، وهو الذي بنى الصُّبيبة، وكان عاقلًا، قليل الكلام، مطيعًا لأخيه المعظم، وكان بعد موت المعظم قد عامل على قلعة بعلبك في سنة خمس وعشرين [وست مئة] (٢) وكتب إليه ولدُ الأمجد يقول: قد نشرتُ باب السِّرِّ، فَسِرْ إلينا وقت السَّحَر. وكان بالصُّبيبة، فساق منها أول الليل، والمسافة بعيدة، فجاءهم وقد طلعت الشمس، ففات الغرض، ونزل مقابل بَعْلَبَك، فبعث الأمجد إلى النَّاصر داود، يقول: قد عرفتَ ما كان بيني وبين المعظم، وكنتُ صديقَ مَنْ صادقه، وعدوَّ من عاداه، وأريد ترحِّل العزيز عني. فأنفذ النَّاصر الغرز خليل إلى العزيز يقول له: ارحل، وقال للغرز: إنْ لم يرحل، فارمِ الخيمة عليه. وعَلِمَ العزيزُ، فرحل إلى بانياس، وما عاد إلى دمشق إلا مع الكامل، فإنه [سار إليه، و] (٢) التقاه من القُدْس، وقال: أنا آخذ لك دمشق. فأعطاه مالًا، وأحسنَ إليه، وكان العزيز أحدَ الأسباب الموجبة لأخذ دمشق [من النَّاصر] (٢)، وكذا الصَّالح إسماعيل، وأيدمر.

وأما صاحب بَعْلَبَك فعلم بما فعل ولده، ووقف على نَشْر الباب، فقال: إنَّه قتل ولده، وقيل: بنى عليه بُنْيانًا.

وكانت وفاة العزيز يوم الاثنين عاشر رمضان ببُسْتانه بالنَّاعمة ببيت لهيا، وحمل تابوته، فدفن بقاسيون في تُرْبة المعظَّم [عند والدته وأهله] (٢).


(١) كان ذلك سنة (٦١٥ هـ)، انظر حوادث هذه السنة في هذا الكتاب.
(٢) ما بين حاصرتين من (ش).
(٣) له ترجمة في "التكملة" للمنذري: ٣/ ٣٤٩، و"المذيل على الروضتين": ٢/ ٢٧، وفيه تتمة مصادر ترجمته.