للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنْ حَضَرَ بعض السِّنين: عددتُ على السِّماط مئة فرس قشلمش وخمسة آلاف رأس شواء وعشرة آلاف دجاجة، ومئة ألف زبدية، وثلاثين ألف صحن حلو، ثم يخلع فيه على الأعيان، وتفرق فيهم الأموال على أقدارهم، [ولا يحضر] (١) هذا السِّماط أحدٌ من عسكره، إلا أرباب الحرف، ثم يقوم من الميدان، فيدخل الخانقاه وقد اجتمع فيها من الصوفية ما بين ثمان مئة إلى ألف، فيأخذون في السَّماع من الظهر إلى الفجر وهو يرقص بينهم، فإذا كان من الغد بعث إليهم من يكتب أسماءهم، وكل شيخ ومعه جماعة، فيعطي المشايخ على قدر طبقاتهم من المئة دينار إلى الخمسين والثلاثين، ولأتباعهم على حدة، ومن شاء أن يسافر، ومن شاء أن يقيم أيامًا، وكان قد بنى دارًا للمضيف [يدخلها] (١) جميعُ الأجناس، لا يمنع منها أحد، ويعطي كل واحد على قدر حاله دائمًا، وبنى حيزًا عظيمًا، وقسمه أربعة أقسام: مكان للزمنى، ومكان للعميان، ومكان لليتامى، ومكان للمساكين، وأجرى عليهم الجرايات والجوامك والكساوي، وكان يركب كلَّ يوم بكرة، فيدخل إليهم، ويقعد اليتيمة والمسكينة على مخدَّة ويهبها، ويقول: أيش تريدين تأكلين؟ أيش تريدين تلبسين؟ فمهما طلبت أحضره، فإذا كبرت اليتيمة زوَّجها، وأقام لكل واحد من الزمنى من يخدمه، وكان في كلِّ سنة يبعث بالأموال والجواهر إلى الشام مع ديوان، فيشتري بها الأسارى من بلد الفرنج، ويعودون إلى إربل، فيقيمون في قرية على باب إربل [يقال لها بيت النار، فلا يدخلون إربل] (١) حتى يجهِّز غيرهم ليلًا، فيقطع عمله، وإذا خلص الأسير أعطوه كسوةً ونفقة توصله إلى أهله، فكان يخلص في كل سنة خلقًا كثيرًا، فلما توفي أُحصي ما خَلَّص من الأسارى فكانوا ستين ألف أسير ما بين رجل وامرأة، وكان يبعث في كلِّ سنة بمالٍ يفرق في الحرمين، وعشرة آلاف دينار تنفق في السبيل، وألف دينار برسم جر الماء إلى البرك التي بعرفات.


(١) ما بين حاصرتين من (ش).