للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شهدتُ على أحمد أنَّه. . . رسولٌ من الله باري النَّسمْ

فلو مُدَّ عمري إلى دَهْره. . . لكنتُ وزيرًا له وابنَ عمّ (١)

وقال عروة: هو الذي قالت عائشةُ فيه: كان رجلًا صالحًا، ذمَّ اللهُ قومَه ولم يذمَّه (٢).

وقال هشام بن محمد: خرج تُبَّع معه بالحَبْرَيْنِ إلى اليمن، فلما دنا منها؛ حالت حِمْيَر بينه وبين دخولها، وقالوا: لا تدخلها حتى تفارقَ هذين الحَبْرين، وترجع إلى دِين حِمْيَر -وكانوا يعبدون الأوثان- فقال: إن دين هذين الحَبْرين خيرٌ من دينكم، فقالوا: حاكمنا إلى النَّار -وكانت نارٌ باليمن في أسفلِ جبلٍ يتحاكمون إليها، تأكلُ الظالم دون المظلوم- فقال تُبَّع: أَنصفتُم.

فخرجوا بأوثانهم يُقرّبونها إلى النار، ومعهم القرابين، فغشيتهم نارٌ، فأحرقتهم وما معهم. وجاء الحَبْران بمصاحفهما في أعناقهما يتلُوان التوراة، فهجما على النّار، فنكصت حين رأتهما، وعادت إلى المكان الذي خرجت منه، فدخلت فيه. فرجعت حمير عن عبادة الأوثان، ودانت باليهودية، فمن هناك أصل اليهودية باليمن.

وكان لهم بيتٌ يعظِّمونه ويذبحون عنده، ويكلِّمُهم منه شيطان، فقال الحَبْران: اِئذَنْ لنا في خرابه، فإنما يكلِّمُهم منه شيطان، فهدماه، فخرج منه كلبٌ أسود فذبحاه، فبقايا ذلك البيت في اليمن إلى اليوم (٣).

ومن شعر تُبَّعٍ: [من الخفيف]

إذ جَنَبْنا جِيادَنا من ظَفَار … ثم سِرنا بها مسيرًا بعيدًا

فاستَبَحْنا بالخيل مُلكَ قباذ … وابن أُفلوذ جاءنا مَصفودًا

وكسونا البيت الذي حرم اللـ … ـه مُلاءً مُعَصَّبًا وبُرودا

وأَقَمْنا به من الشهر عَشْرًا … وجَعلْنا لِبابِه إقليدا


(١) المعارف ص ٦٣١، ومروج الذهب ١/ ١٣٣، والبدء والتاريخ ٣/ ١٧٧، والروض الأنف ١/ ٣٥ وفيها: مد عمري إلى عمره.
(٢) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٢٠٨، والطبري ٢١/ ٥٠ (دار هجر).
(٣) تاريخ الطبري ٢/ ١٠٨ - ١٠٩.