للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وميتًا. فقتلوه ودفنوه وملّكوا ابنَه حسانًا، وشرطوا ألّا يؤاخِذَهم بقتْل أبيه.

وقيل: مَلّكوا عليهم أخاه عبد كُلال، فلم يأخذه النوم، فقيل له: إنك لا تنام حتى تقتلَ قَتَلَة أخيك، فقتلهم وهم قيام. والظاهر أنهم ملّكوا حسانًا ولدَه.

[فصل]

ثم ملك بعد تُبَّع ولدُه حسّان، فأقام مدة، ونَدِم على قتل أبيه، فشرع بقتلهم واحدًا بعد واحد، فبايعوا أخاه عمرو بنَ تُبّع على أنهم يقتلون حسانًا ويملكونه. فجاء رجل من أشرافهم يُقال له: ذو رُعَيْن، فأَخبرَ حسانًا، وحذَّره سوءَ العاقبة؛ فكفَّ عن قتلهم.

وقيل: إن ذا رُعَين حذَّر أخاه، وقال: إن قتلتَه ذهب المُلك، فلم يلتفت، ودفع ذو رُعَين إلى عمرو صحيفة، وقال: هذه وديعتي عندك، وختمها.

ولما أراد عمرو قتل حسان، قال له حسان: لا تعجل عليّ، فالمُلكُ تأخذُه بغير حُشودِ (١). فلم يسمع منه، وقتله بمكانٍ يُقال له: فُرضة، وهي رَحْبةُ مالك بن طَوْق. فلما قتله عَدِم النّوم، فقال له كاهنه: ما قَتل أحدٌ أخاه أو ذا رَحمٍ إلا عَدِم النَّوم حتى يَقتل مَن ساعده عليه. فنادى في المملكة: إن المَلك يريد أن يعهد عهدًا، فلا يتخلَّفَنَّ أحد. فاجتمعوا، وأقام لهم الرجال، وأُدخلوا عليه خمسةً خمسة، وعشرة عشرة، فقتل الجميع، وأُدخِل عليه ذو رُعَيْن، فأمر بقتله فقال: وَديعتي عندك. فأخرج الصّحيفة وفيها: [من الوفر]

ألا مَن يَشتري سهرًا بنومٍ … سعيدٌ مَن يَبيتُ قريرَ عَينِ

فإن تكُ حِمْير غَدرتْ وخانتْ … فمَعذِرةُ الإله لذي رُعَيْنِ (٢)

فقرَّبه، وأحسن إليه، واختصّ به.

وكان عمرو يسمى مَوثَبان القعود (٣)، لأنه ترك الغزو، ولَزم الدَّعة.


(١) انظر تاريخ الطبري ٢/ ١١٥، والمعارف ٦٣١ - ٦٣٤.
(٢) المعارف ص ٦٣٣، وتاريخ اليعقوبي ١/ ١٩٧، والطبري ٢/ ١١٥ - ١١٦، والبدء والتاريخ ٣/ ١٧٨، والروض الأنف ١/ ٤٢ - ٤٣.
(٣) في المعارف ٦٣٤: لقعوده.