للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان حسام الدين بن أبي علي بدمشق، فسار إلى بَعْلَبَك، وتسلَّم قلعتها باتِّفاقٍ من الشاماتي؛ مملوك إسماعيل، وكان حاكمًا عليها، وبَعَثَ أولاد إسماعيل وعياله إلى مِصْر، وتسلَّم نواب الصالح أيوب بُصْرى، وكان بها الشهاب غازي واليًا، فأعطوه حَرَسْتا القَنْطرة.

[فصل: وفي رمضان قدمنا بغداد، ومعي ابني إبراهيم، ومملوكيّ بلبان وسالم، فأنزلنا خالي أبو محمَّد في داره بدار الخليفة، وخدمنا، غير أن ما ربحناه في سورة يوسف خسرناه في سورة النور، وجرى لنا عجائب، وما زلت مع وزير الخليفة -أدام الله تعالى سعده- حتى خرجنا من بغداد في صفر سنة خمس وأربعين وست مئة، ووصلنا إلى حلب، وتوفي ابني إبراهيم في ربيع الآخر، ونقلته إلى قاسيون في هذه السنة، فدفنته بالتربة عند أمه وأخيه] (١).

وفي ربيع الآخر [لما كنا بحلب] (١) قَدِمَ الصَّالح إسماعيل حلب في طائفةٍ من الخُوارَزْمية منهم كشلوخان، وكانوا هاربين من الصَّالح أيوب، ولم يبق لإسماعيل في الشَّام مكان يأوي إليه، فتلقاهم النَّاصر صاحب حلب، وأنزل الصَّالح في دار جمال الدَّوْلة الخادم، وقبض على كشلوخان والخوارزمية، وملأ منهم الحبوس، [(٢) وبلغني أن الناصر لما التقى إسماعيل قال شمس الدين لؤلؤ للنَّاصر: أَبْصِرْ عواقبَ الظُّلْم [كيف صارت] (١).

وفيها وصلتِ الأخبار من البحر صحبة مركبٍ وَصَلَ من صِقِلِّية إلى الإسكندرية أَنَّ البابا غَضِبَ على الإنبرور، وعامل خواصَّه الملازمين له على قَتْله، وقال: قد خرج الإنبرور عن دين النَّصْرانية، ومال إلى المسلمين، فاقْتُلوه، وخُذُوا بلاده لكم. وأقطع كلَّ واحدٍ مملكة، [فأعطى واحدًا صقلية، والآخر تصافية، والآخر توليه، وهذه محال الإنبرور] (١)، وكَتَبَ أصحابُ الأخبار إلى الإنبرور بذلك، فعمد إلى مملوكٍ له، فجعله مكانه في التخت، وأظهر أَنَّه قد شرب دواء، وأرسل إلى الثَّلاثة فجاؤوا، والمملوك نائم على التخت، فظنوه الإنبرور، وقد اختبأ الإنبرور في مجلس، ومعه مئةُ فارس،


(١) ما بين حاصرتين من (ش).
(٢) في (ت): ولما التقى الناصر الصالح قال شمس الدين … ، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).