للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

فملك أَبْرَهة بنُ الصَّباح، وكان عالمًا جوادًا قارئًا للكتب، فرأى في الكتب أن أولاد النَّضر بن كِنانة يَملِكون فكان يُكرمهم، ويُحسنُ إلى ولد مَعَدّ، وكان ملكُه ثلاثًا وأربعين سنة (١)، ثم مات.

[فصل]

فملك حسَّان بنُ عمرو [بن تُبَّع] بن كلكرب، فأقام خمسًا وسبعين سنة (٢)، وكان قد غزا بني كِلاب، فأَسر منهم ألوفًا، فأتاه خالد بنُ جعفر الكلابي فمدحه، فأَطلقَهم.

[فصل]

ثم ملك بعده ذو شَناتِر وكان فاسقًا يتعرَّض إلى أولاد الأَقيال، وكان فظًّا غليظًا، لا يسمع بغلامٍ حسنٍ إلا بعث إليه وفَسق به، واسمه لَخْنِيعَة، ولم يكن من بيت المُلك، وهو أوّلىُ من أظهر اللِّواط باليمن، ولا يَقرب النساء، وكان له مَشْرَبَة يجلس فيها، فإذا قضى حاجته من الغلام، أخذ سواكًا فجعله في فِيه، واطَّلع على حرسه وجنوده، وكان ذلك آية فراغه من الغلام، فينزل من عنده وقد افتُضح، وكان قد بقي من أولاد الملوك غلامٌ يقال له: ذو نُواس بن أسعد أبي كرب، واسم الغلام: زُرْعَة، وقيل: يوسف بن شراحيل بن تُبَّع، فسمع به لخنيعة، فأرسل إليه، فعلم الغلام ما يريد منه، فأخذ سكِّينًا، فدفنها بين نَعله وقدمه، فلما صَعِد المَشرَبة، وثب عليه ليُواقِعه، فأخرج السكين، فضربه بها فقتله، ثم قطع رأسه وجعل سواكه في فيه، وتركه في كوة المشربة، ثم نزل فخرج عليهم، فقالوا: ذو نُواس؛ أَرَطْبٌ أم يَباس؟ فقال: لا بأس، وأشار إلى الطّاقة، فنظروا، فإذا رأسُ لَخْنِيْعَة، فقاموا إليه، وقالوا: أنت أحقُّ بالمُلْك حيث أرَحْتَنا من الفاسق، وملكوه، وكان مُلك لَخْنِيْعَة سبعًا وعشرين سنة.


(١) في المعارف ص ٦٣٦، والبدء والتاريخ ٣/ ١٨١: ثلاثًا وسبعين سنة، وفي تاريخ اليعقوبي ١/ ١٩٩، ومروج الذهب ٣/ ١٥٥: ثلاثًا وتسعين سنة.
(٢) في المعارف وما بين معكوفين منه، والبدء والتاريخ: سبعًا وخمسين سنة.