للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسَبَبُ حمل الجماعة المذكورين إلى مصر أَنَّه نُقِلَ إلى الصَّالح أيوب أنهم خواصُّ الصَّالح إسماعيل، فخاف أن يجري ما جرى في النَّوْبة الأولى من أَخْذِ دمشق، ولما وصلوا إلى مِصْر أقاموا بحسب اختيارهم، وخَلَعَ على بعضهم، ومات ابنُ الهادي، وعاد الباقون بعد وفاة أيوب إلى دمشق.

وفي ثالث عشر ذي القَعْدة اعتُقِلَ عِزُّ الدين أيبك في دار فَرُّخْشاه بتواطؤ من ابن مطروح وغيره، ووضعوا مترجَمًا (١) جاءه من حلب من عند إسماعيل، فكتبوا إلى الصَّالح أيوب وأخبروه، فأمر أن يحمل إلى القاهرة تحت الحوطة، فأنزل دار صواب، فاعتقل فيها، وكان إبراهيم ابن جاريته المنتحل إليه قد مضى إلى الصالح أيوب، ووشى به.

قال المصنف : بلغني أَنه قال لأيوب: أموالُ أبي قد بَعَثَ بها إلى الحلبيين، وأول ما نزل بها من صرخد كانت ثمانين خرجًا، فأودعها عند فلان. عني.

وقال: وبلغ عز الدين اجتماعه بأيوب، فمرض، ووقع إلى الأرض، وقال: هذا آخر عهدي. ولم يتكلَّم بعدها حتى مات، ودفن بباب النَّصْر، فيا ليته عاش حتى رأى في أعدائه العِبَر، أما ابن مطروح فرأى الذُّلَّ والهوان، [ولعب به القدر] (٢)، ولم يمت حتى ذهب بصره. وأما غيره، فانتثر لحمه عن عظامه، [وارتحل بآثامه] (٢).

ولما سعى إبراهيم بعز الدين سعى بحاشيته، وقال: عندهم أمواله مثل البرهان [كاتبه] (٢)، وابن المَوْصلي صاحب ديوانه، والبَدْر الخادم، ومسرور، وغيرهم، فأمر أيوب بحملهم إلى مِصْر، فأما البرهان فمن خوفه يوم أخرج ليتوجَّه إلى مِصْر مات بمسجد النارنج، والباقون حُملوا إلى مِصْر، ولم يظهر عليهم مما قيل دِرْهم، ورجعوا إلى دمشق بعد وفاة أيوب وقد لاقوا الشدائد، وختم للأمير عز الدين بالشَّهادة، [كما عاش في دنياه تحت تلك السعادة] (٢)، وكنتُ قد عزمت على نَقْله إلى دمشق، ودَفْنه في تُرْبته، فأتاح الله بعضَ مماليكه فحمله في تابوتٍ، ودفناه في قبَّته، [بين العلماء والفقهاء والمحدثين والقراء، وأعطاه الله في آخرته ما كان يتمناه في دنياه، وأناله أرفع


(١) في "عيون التواريخ": ٢٠/ ١٢ كتابًا. قلت: وكأنه بمعناه.
(٢) ما بين حاصرتين من (ش).