للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقوال: أحدها: أَنَّه طلب دستورًا إلى بغداد، فأعطوه أربعين ألف دِرْهم، فأنفقها في الجُنْد، وعَزَمَ على قَصْدِ مصر، والثَّاني: أَنَّ الصَّالح إسماعيل جاءه كتاب من مِصْر، فأوقف شمسَ الدِّين لؤلؤ عليه، وأخبر حامله أَنَّه أوصل إلى النَّاصر داود كُتُبًا، فسألوه فأنكر، والثالث: أَنَّ الصَّالح أشار عليهم بقَبْضه وقال: أنتم ما تعرفوه، نحن نعرفه، وأنتم على قَصْدِ مصر، وما هو مصلحة يبقى خلفنا، ولا يكون معنا. فقبضوه، وأقام في المِزَّة معتقلًا أيامًا، ثم بعثوا به إلى قلعة حمص، فاعتقل بها، وأسكن أهله ووالدته وأولاده في خانكاه الصُّوفية التي بناها شِبْلُ الدولة الحُسامي عند ثورا.

وفيها سار الملك النَّاصر يوسف بالعساكر إلى المِزَّة يريد الديار المِصْرية بإشارة شمس الدين لؤلؤ، فإنَّه لجَّ لجاجًا كان سببًا لحضور منيته، وكان يستهزئ بالعساكر المِصْرية، ويقول: آخذها بمئتي قِناع (١). وكانت تأتيه كتب مِنْ مصر فيظنّها من الأعيان، وكانت من الرَّعاع، فدخلوا الرمْل، وقربوا من البلاد، وتقدم عسكر الشَّام، ومعهم جمالُ الدين بن يغمور، وسيف الدين بن المشد، وجماعة، وانفرد الشمس لؤلؤ وضياء الدين القيمري والتقوا، فانهزم المصريون، ونهبت أثقالهم، ووصلت طائفة من البحرية إلى الصَّعيد، وكانوا قد أساؤوا إلى المِصْريين، فنهبوهم، وارتكبوا كل قبيح، وخُطِبَ في ذلك النهار في القاهرة والقلعة ومصر للملك النَّاصر، وفي جميع البلاد، وبات جمال الدين بن يغمور بالعباسة، وأحمى الحمام للملك النَّاصر، وهيأ له الإقامة. هذا والملك النَّاصر على ظاب كراع ما عنده خبر، وهو واقفٌ بسناجقه وخزائنه وأصحابه، ولما وقعت الهزيمة على المِصْريين ساق عِز الدين أيبك التركماني وأقطايا في ثلاث مئة فارس طالبين الشَّام هاربين، فعثروا في طريقهم بالشمس لؤلؤ والضياء القيمري، فساق شمس الدين [لؤلؤ] (٢) عليهم، فحملوا عليه، فأسروه، وقتلوا ضياء الدين القيمري، وجيء بشمس الدين لؤلؤ إلى بين يدي عز الدين، [فبلغني أن] (٣) حسام الدين بنَ أبي علي [قال:] (٢) لا تقتله لنأخذ به الشَّام، فقال أقطايا: هذا الذي


(١) القناع كان يلبسه المخانيث، وبذلك سيفسر ص ٤١٥، من هذا الجزء.
(٢) ما بين حاصرتين من (ش).
(٣) في (ت): فقال .. ، والمثبت ما بين حاصرتين من (ش).