للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم إلا مَن كان في أطراف اليمن، وسار وَهْرِز إلى صنعاء وعلى رأسه رايةُ كسرى، فأراد دخولَها، وكان الباب قصيرًا، فقال: اهدموه فإني لا أُنكس رايةَ الملك، فهدموه.

وكتب وهرز إلى كسرى بالفتح، ويقول: قتلتُ من السُّودان سبعين ألفًا -وقيل: مئة ألف- وبعث بالأموال والسَّبايا، وقال: ما يأمُرُ المَلك في اليمن، فكتب إليه: سلِّم البلاد إلى ابن ذي يَزن، وانصرف، ففعل، وتَوَّج كسرى ابنَ ذي يزن، وشَرط عليه أن تتزوَّج الفُرس في اليمن، ولا تتزوَّج اليمنُ في الفرس، وكان ابنُ ذي يزن يؤدي الخراج في كل سنة إلى كسرى.

وقد أكثر الشعراء في غلبة الفرس على اليمن، فقال بعض أولاد فارس: [من الخفيف]

نحن خُضْنا البحارَ حتى فَكَكْنا … حِمْيرًا من بليّة السُّودانِ

بلُيُوثٍ من آلِ ساسان شُوسٍ … يَمنعون الحريمَ بالمرزبانِ (١)

فقتَلْنا مسروقَ إذ تاه لما … أنْ تداعت قبائلُ الحُبْشانِ

ففلَقْنا ياقوتةً بين عينيـ … ـه بنُشابةِ الفتى السَّاساني

وحَوَينا بلادَ قَحطانَ قَهْرًا … ثم سِرنا إلى ذُرى غُمْدانِ

فنَعِمْنا فيه بكلِّ سُرورٍ … ومَنَنّا على بني قَحطانِ

وقال آخر من أهل حَضْرموت: [من الرجز]

أصبح في مَثْوَبَ ألفٌ في الجُنَنْ … من آل ساسانَ ورهط مِهْرَسَنْ

ليُخرِجوا السُّودان من أرض اليَمنْ … دَلَّهُمْ قصدَ السَّبيلِ ذو يَزَنْ (٢)

وقال أبو الصَّلْت [أبو] أمية بن أبي الصلت (٣): [من البسيط]

لن يَدرك الثأرَ (٤) أمثالُ ابنِ ذي يزن … حتى تغيّب للأعداء أَحوالا

أتى هِرَقْلَ وقد شالتْ نعامَتُه … فلم يجد عنده القولَ الذي قالا


(١) في مروج الذهب ٣/ ١٦٧: بالمرَّان.
(٢) مروج الذهب ٣/ ١٦٤.
(٣) ما يبن معكوفين من تاريخ الطبري ٢/ ١٤٧، وانظر طبقات ابن سلام ٢٦٢، والروض الأنف ١/ ٨٤.
(٤) كذا في النسخ، وفي المصادر وديوانه أمية ٤٥٣: ليطلب الوتر.