للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ائذنوا لعاصم قاتل بِسْطام، يفتخر بذلك.

ومنها يوم الشَّيِّطين، كان في أوّل الإسلام، سارت بكر إلى السَّواد، وقالوا: نُغير على تميم، فإن في دين ابنِ عبد المُطَّلب: مَن قتل نَفْساً قُتل بها، فنشنُ هذه الغارة ثم نُسلِم، فساروا من لَعْلَع إلى الشّيّطين في أربع ليال، وبينهما مسيرة أيَّام، فسبقوا أخبارهم، وصبّحوا بني تميم وهم غارُّون، فقتلوا فيهم قَتْلاً ذَريعاً، فيقال: إنّهم قتلوا منهم ست مئة رجل، وسَبَوْا، واستاقوا الأموال، ثم بعثوا وافِدَهم إلى رسول الله ، وأسلموا بعد ذلك (١).

ومنها يوم عاقل، قُتِل فيه خالدُ بن جعفر، وذلك لأنَّ خالداً وعُروة الرَّحّال قَدِما على الأسود بن المُنذر أخي النّعمان، وعند الأسود الحارثُ بنُ ظالم الذُّبياني، فوضع الأسود بين أيديهم تمرًا على نِطْع، وجلسوا يأكلون، فقال خالد للحارث: يا حارث، لي عندك يدٌ، قتلتُ سيّدَ قومك زهيرًا وتركتُك، وكان مع زهير يوم قُتِل، وجعل خالد يكرّر عليه القول، فقال الحارث: سأُخبِرك بشُكْر ذلك (٢)، ثم قام الحارث وخرج، فقال الأسود لخالد: ما دعاك إلى أن تتحرّشَ بهذا الكلب وأنت ضَيْفي؟ فقال خالد: إنَّما هو عبدٌ من عبيدي، ولو رآني نائماً ما أيقَظني، وانصرف خالدٌ إلى قُبَّته، ولامه عُروةُ الرَّحّال، وناما فلما هدأت العُيون، أخرج الحارث ناقتَه، وقال لخراش: كن لي بمكان كذا، فإن طلع كوكبُ الصّبح، ولم آتك، فاذْهب حيثُ شِئتَ، ثم دخل القُبة، فقتل خالداً وخرج، وانزعج عروةُ الرَّحّال، وصاح، فاجتمع النَّاس، وهرب الحارث، وبلغ الأسود، وعنده امرأةٌ من بني عامر، يقال لها: المُتَجرِّدة، فشقَّت جيبَها وصرخت، فقال عبد الله بن جَعْدة يرثيه: [من الكامل]

شَقَّت عليه العامريَّةُ جَيبَها … أسفاً وما تبكي عليه ضَلالا

يا حارِ لو نَبَّهتَه لوجدتَه … لا طائشاً رَعِشاً ولا مِعْزالا

ولَنَقتُلَنَّ بخالد سَرَواتِهم … ولنجعلَنْ للظالمين نَكالا

ومنها يوم الغَبيط، ويُقال له: يوم الثّعالب، غزا بِسْطام بن قيس، ومفروق بن عمرو، والحارث بن شَريك، وهو الحَوْفَزان، بلادَ بني تميم، فأغاروا على بني ثَعْلبة ابن يَربوع، وثعلبة بن سعد بن ضَبَّة، وثعلبة بن عديّ بن فَزارة، وثعلبة بن سعد بن


(١) النقائض ١٠٢٠، والعقد ٥/ ٢٠٦، قوله: غارون: غافلون.
(٢) في العقد ٥/ ١٣٨: سأجزيك شكر ذلك.