للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذبيان، وكانوا متجاورين بصحراء فَلْج، فاقتتلوا، فانهزمت الثّعالب، وساقوا أموالَهم، ولم يشهد عُتَيبة بنُ الحارث بن شهاب هذه الوقعةَ، لأنَّه كان نازلاً في بني مالك بن حَنْظلة، ثم أغار بِسْطام بن قيس وأصحابه -في وجههم ذلك- على بني مالك بن حَنْظَلة، وهم بصحراء فَلْج والغَبيط، فأخذوا إبلَهم، فركب عُتيبة بن الحارث بن شِهاب وراءهم في بني مالك، ومعه فرسان بني يَرْبوع، فأدركهم بغَبِيْط المَدَرة فقاتلوهم، فظهروا عليهم، ولحق عُتيبةُ ببسطام بن قيس، فقال له: اسْتَأسِر أبا الصَّهباء، فأنا لك خيرٌ من الفَلاة والعطش، فقال: من أنت؟ فقال: عتيبةُ بنُ الحارث، فاستأسر له، ففَدى نفسَه بأربع مئة بعير، وثلاثين فرسًا، وكان عظيمَ القَدْر، لم يكن عربيّ عُكاظيّ أعلى منه قَدْراً، وجَزَّ عتيبةُ ناصيتَه، وعاهده أن لا يغزوه أبداً، وردَّ عُتيبةُ الأموالَ والسَّبايا، وقال: [من البسيط]

أَبْلِغْ سَراةَ بني شَيبانَ مَألُكَةً … أنّي أَبَأتُ بعبد الله بِسْطاما

قاظَ الشَّرَبةَ في قَيْدٍ وسِلْسِلةٍ … صوتُ الحديد يُغنّيه إذا قاما (١)

ومنها يوم قُحقُح (٢)، لبني يَرْبوع على بكر، قَتل المِنهالُ بنُ عِصْمَة المُجَبَّه بنَ ربيعة، فقال ابن نِمْران الرِّياحي: [من الكامل]

وإذا لَقيتَ القومَ فاطعنْ فيهمُ … يومَ اللِّقاء كطعنةِ المِنهالِ

تَرك المُجبَّهَ للضِّباع مُجَنْدلاً … والقومُ بين سَوافلِ وعَوالِ

ومنها يوم فيحان، لما فدى نفسَه بِسطامُ بنُ قيس من عُتيبةَ بأربع مئة ناقة، وثلاثين فرسًا، قال وَلَده: لأُدركنَّ بثأر أبي، فأغار فأسر الربيعَ بن عتيبة، واسْتاق مالَه، فلما سار يومين، اشتغل ابنُ بِسطام عن الرَّبيع بالشُّرْب، وكان الرَّبيع قد بال (٣) على قِدّه حتَّى لان، فحَلَّه وركب [ذات] النُّسوع (٤) -فرسَ بِسْطام- وهرب، ونذروا به فركبوا خلفه، فلم يدركوه، وجاء إلى الحيّ فنزل عن الفرس، فماتت في الحال، فدَفنها،


(١) النقائض ٧٦ و ٣٥٦، والعقد ٥/ ١٩٧، الشربة: موضع، وقاظ: أقام زمن القيظ، والمألكة: الرسالة، وأبأت: عاقبت.
(٢) في تجود الكلمة في النسخ، والمثبت من العقد ٥/ ١٩١.
(٣) في العقد ٥/ ٢١٠: مال.
(٤) في النسخ: وركب الشموع، والمثبت من العقد ٥/ ٢١٠، وأسماء خيل العرب لابن الأعرابي ٧٧، وللغندجاني ١٠٤.