للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسمّي ذلك المكان: قبر (١) الفرس، وأخلف له أبوه مالَه.

ومنها يوم قِضَة، وهو من حرب البسوس، كانت بَكْر قد قتلت بُجَير بنَ الحارث بن عُباد، فخرج أبوه في قبائل تَغْلب، يطلب ثأرَ ابنه من بَكْر، وكان له فرس يقال لها: النَّعامة، فقال: [من الخفيف]

قَرِّبا مَرْبَطَ النَّعامة منِّي … لَقِحتْ حربُ وائلٍ عن حِيال (٢)

وركبها، وكان معه مُهَلْهِل التغلبي والتقوا، فانهزم الحارث بن عباد، فنجا، وهرب مُهلهل، فنزل على جشم في مكان يقال له: جَنْب، فخطبوا إليه ابنتَه، فأبى، فساقوا إليه المَهْر، وفيه جلود من أَدَم، فقال: [من المنسرح]

أَعزِزْ على تَغْلب بما لَقِيَتْ … أختُ بني الأكرمين من جُشَمِ

أَنكحها فَقدُها الأراقمَ في … جَنْبٍ وكان الحِباءُ من أَدَمِ

لو بأبانَيْن جاء يخطُبُها … زُمِّل ما أنْفُ خاطبٍ بدَمِ (٣)

ومنها يوم قَطَن، وهو من أيَّام عَبْس وذُبيان، وذلك لأنَّ عَبْساَ لما مَثَّلوا بحُذيفة بنِ بدر يوم الهَباءة، أعظمت غَطَفانُ ذلك، وتجمّعت، وعلمت بنو عَبْس أنهم لا طاقةَ لهم بهم، فرحلوا عنهم فنزلوا اليمامةَ على أَخْوالهم من بني حَنيفة، ثم رحلوا عنهم، فنزلوا على بني سَعْد بن زيد مناة، فغدر بهم بنو سعد، واستجاشوا عليهم بمعاوية بن الجَوْن (٤)، ورحل بنو عَبس عنهم لما علموا بذلك، وقدَّموا ظُعُنَهم، ووقفت فرسانُهم بمكان يقال له: الفَروق، وأغارت بنو سَعْدٍ عليهم ومن معهم من جنود الملِك ابنِ الجَوْن، فلم يجدوا في منازلهم إلَّا مَواقِد النَّار، فاتَّبعوهم إلى الفَروق، وإذا بالفرسان


(١) في العقد: هَبير. وهو ما اطمأن من الأرض.
(٢) الأصمعيات ٧١، وتخريجها ثمة.
(٣) هذا السياق فيه أكثر من خطأ، فالحارث بن عباد من بني بكر، ومهلهل بن ربيعة كان رأس تغلب وسيدها في حروبها ضد بني بكر، ولم يكن مع الحارث، وإنما أسره الحارث بن عباد البكري، ولم يكن يعرفه، ثم أطلقه. انظر الشعر والشعراء ١/ ٢٩٨، والكامل للمبرد ٢/ ٧٧٥، والأغاني ٥/ ٤٧ - ٥١، والعقد الفريد ٥/ ٢٢٠ - ٢٢٢، وديوان الحارث ١٣٠.
(٤) استجاشوا: طلبوا منه جيشاً.