للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاسِيون، فيه قتل ابنُ آدَم أخاه" (١). وهذا الحديثُ لا يصحُّ عن رسول الله ﷺ، ولا قتل قابيل أخاه بالشام، بل في الهند، وسنذكره فيما بعد. وذكر أيضًا أن الدم الذي على قاسِيون دمُ هابيل، وأن الملائكة نزلت عَزَّتْ آدمَ في الكهف الذي بقاسِيون، وحكاه عن كعب الأحبار وغيره (٢).

قلت: ما ورد عن كعب الأحبار في هذا الباب، فقد توقَّفَ الناسُ في رواية كعب، وكان عمر بن الخطاب ﵁ يضربه بالدِرَّة ويقول: دعنا من يهوديتك، ومع هذا أجاز روايته بعضُهم إذا لم يرو عن النبي ﷺ؛ لأنه أسلم على يدِ عمر، فالرواية عن رسول الله ﷺ في هذا الباب فيها وهنٌ عظيم إذا لم توافق السننَ والأصول.

فروى أبو القاسم في فضل دمشق والغوطة حديثًا عن عائشة ﵂، قالت: قال رسول الله ﷺ: "خلق الله ﷿ جمجمة جبريل على قدر الغوطة" (٣). وهذا مما لا توافقه عليه قضايا العقول، لأنه قد ثبتَ في الصحيح أنَّ النبيَّ ﷺ قال: "خلق الله تعالى الملائكة من نور" (٤). والنور روحاني فكيف يكون جسمًا، وفي رواية: "من نور العرش" (٥) ولما سأله رسول الله ﷺ أن يظهر له في صورته، ظهر فسدَّ أحدُ جناحيه ما بين المشرق والمغرب (٦)، وسنذكره في ليلة المعراج.

عدنا إلى قول ابن المنادي:

والشام الرابعة: الأُردُنُّ ومدينةُ طبريَّة على ساحل البحيرة، ويقال: إنها من بناء سليمان ﵇، وأن قبره على شاطئ البحيرة.


(١) "تاريخ دمشق" ١/ ٣٣٣.
(٢) "تاريخ دمشق" ١/ ٣٣٤، دون قصة تعزية الملائكة لآدم.
(٣) "تاريخ دمشق" ١/ ٣٣٩.
(٤) أخرجه مسلم (٢٩٩٦) من حديث عائشة ﵂.
(٥) أورده ابن كثير في "تفسيره" ٣/ ٣٩٢، وعزاه إلى ابن مردويه.
(٦) أخرجه ابن عدي في "الكامل" ١/ ٣٥٨، والخطيب في "موضح أوهام الجمع" ١/ ٤٧١ من حديث ابن عباس ﵁ وفيه إدريس بن سنان قال ابن عدي: أرجو أنه من الضعفاء الذين يكتب حديثهم. وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" ص ٧٤ من حديث ابن شهاب عن النبي ﷺ مرسلًا، ورؤيته ﷺ لجبريل في الصحيحين البخاري (٤٨٥٥)، ومسلم (١٧٧) من حديث عائشة ﵂.