للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة العاشرة من مولده -

وفيها كانت الفجارات، وكانت الدائرة فيها لقريش على قيس، وإنما سميت هذه الحروب فِجارًا، لأنها كانت في الأشهر الحرم. قال أبو عبيدة: لأنهم فجروا فيها فاستباحوا الأموال والنفوس. قال خداش بن زهير: [من الطويل]

فلا تُوعِدُوني بالفِجَار فإنَّه … أَحَلَّ ببَطْحاء الحجازِ المحارِما

وقال هشام بن محمد: كان الفجار الأول: بين كنانة وهوازن، والثاني: بين قريش وكنانة، والثالث: بين نصر بن معاوية وبين كنانة، والرابع: بين قريش وهوازن.

الفجار الأول: وسببه أن بدر بن معشر الكناني كان منيعًا، ورد سوق عُكاظ، وكان له مجلس يجلس فيه ويفتخر، ويشمخ على الناس ويقول: [من الرجز]

نحن بنو مُدرِكةَ بن خِنْدِفِ

مَنْ يطْعَنوا في عَيْنِه لم يطرفِ

ومن يكونوا قومَه يُغَطْرفِ

كأنَّهم لُجَّةُ بَحْرٍ مُسْدِفِ (١)

وكان يمد رجله وكان [يقول: أنا] (٢) أعزُّ العَربِ، فمن ادَّعى أنَّه أعز مني فليضربها، فوثب عليه رجل من هوازن -وقيل: من بني نصر بن معاوية- يقال له: الأُحيمر بن مازن، فضربه بالسيف على ركبته، فجرحه جرحًا يسيرًا -وقيل: إنه أَنْدَرَها، والأول أصح- ثم قال:

خذها إليك أيها المُخَنْدِف

نحن بنو دهمان ذو التَّغَطْرُف

نحنُ ضربْنَا ركبَةَ المعجْرِفِ

إذ مدَّها في أَشْهُرِ المعرَّفِ (٣)


(١) مسدف: مظلم.
(٢) ما بين معقوفتين زيادة من "العقد الفريد" ٥/ ٢٥١.
(٣) جعله ابن الجوزي في "المنتظم" ٢/ ٢٩٠ من كلام رجل آخر من هوازن.