للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالت عائشة : قال لي رسول الله : "إنَّ قَومَك استَقْصَروا مِن بُنْيانِ البَيتِ، ولَوْلا حَدَاثة عَهدِهم بالشِّركِ لأَعَدتُ فيه ما تَركوا منه، وَجَعَلْتُ له بَابَين مَوضُوعَين في الأَرضِ، وبَابًا شَرقيًّا وبَابًا غَربيًّا، فإنْ بَدَا لقَومِك أنْ يَبنُوهُ، فَهلُمِّي أُريكِ ما تَرَكُوه منه، فأرَاهَا قَريبًا من سَبعةِ أَذرُعٍ في الحِجْر" ثُم قال: "أَتَدرِينَ لمَ رَفَع قومُك البَابَ"؟ قلتُ: لا. قال: "تَعزُّزًا أنْ لا يَدخُلَها إلا مَن أَرادُوا، وكانَ الرَّجُل إذا كَرِهوا أنْ يَدخُلَ تَركُوه حتَّى إذا كادَ أن يَدخُلَ دَفَعوه فَسَقط (١) ".

ولما تمَّ بناؤها، كساها الزُّعَماءُ أرديتهم، وكانت من الوصائل (٢)، وأعادوا الصور إلى ما كانت عليه، ولم يكسها أحد بعد ذلك حتَّى كساها رسول الله الحِبَرات في حجة الوداع.

وفي هذه السنة: ولدت فاطمة .

فصل وفيها توفي

زيد بن عمرو بن نُفَيل

قال هشام بن محمد، عن أبيه: خرج زيد بن عمرو وورقة بن نوفل إلى الشام يسألان عن الدين الصحيح، فالتقيا راهبًا، فسألاه، فقال لهما: بعد قليل يبعث نبي من مكة، فرجعا فأقاما. فأما ورقة فقال: أنا ثابت على نصرانيتي حتَّى يظهر هذا الدين. وأما زيد فقال: أنا أعبد رب هذا البيت حتَّى يظهر هذا الدين.

وكانت صفية بنت الحَضْرمي امرأة زيد، كلما عزم زيد على الخروج إلى الشام، آذنت الخَطَّاب فمنعه، فخرج إلى الشام وطاف الجزيرة والمَوْصِل، ثم عاد إلى البلقاء فلقي راهبًا انتهى إليه عِلْمُ النصرانية، فسأله عن الحَنَفيَّة، فقال له: إنك لتسأل عن دين ما أنت عليه وقد درس، وقد أظلك خروج نبي يبعث بأرض مكة التي خرجت منها، فارجع إلى بلادك التي خرجت منها فإنه مبعوث الآن وهذا زمانه. فخرج سريعًا يريد مكة، حتَّى إذا كان بأرض لَخْم عَدَوْا عليه فقتلوه (٣).


(١) أخرجه ابن سعد ١/ ١٢٢، وأصله عند البخاري (١٥٨٦)، ومسلم (١٣٣٣) (٤٠٣).
(٢) انظر "أخبار مكة" للأزرقي ١/ ١٧٢.
(٣) ساق الخبر بتمامه ابن عساكر في "تاريخه" ٩/ ٤٩٨، وابن كثير في "البداية والنهاية" ٢/ ٢٢١ - ٢٢٢، =