للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويسمى: يوم قُراقر، ويوم الجُبابات، ويوم ذي العُجْرُم، ويوم بَطحاء، ويوم الحِنْو.

وكلها أماكن حول ذي قار، وقد ذكرتها الشعراء في أشعارها (١).

قال الجوهري (٢): ويوم ذي قار يوم لبني شيبان، وكان أبرويز أغزاهم جيشًا، فظفرت بنو شيبان، وهو أول يوم انتصرت فيه العرب على العجم.

وسبب يوم ذي قار: أن النعمان بن المنذر لما قصد باب كسرى، أودع حلقته وكانت عشرة آلاف شِكَّةٍ (٣) وابنتيه حُرَقَة وهندًا، وزوجته المُتَجرِّدة عند هانئ بن قبيصة بن هانئ بن مسعود الشيباني، فبعث كسرى إلى هانئ يطلب شِكَّةَ النعمان، وما أودع عنده، فامتنع هانئ من تسليمها وقال: هي عندي أمانة ووديعة، والحر لا يضيع أمانته، فغضب كسرى وقطع الفرات، ودعا إياس بن قَبيصة الطائي، وكان قد أقطعه ثمانين قرية على شاطئ الفرات، وملَّكه على الحيرة، فشاوره في أمر هانئ، قال: إن أطعتني فلا تُخبرنَّ أحدًا لأي شيء قَطَعْتَ الفراتَ لئلا تَقِلَّ حرمتك عند الناس، ولكن ارجع إلى المدائن وابعث إليهم حَلْبَة (٤) من العَجَم، فيها بعض القبائل من العرب التي تليهم من أعدائهم فيواقعونهم، فقال كسرى: قد بلغني أنهم أخوالك، وأَنك لا تألوهم نصحًا، فقال: هذا رأي، ورأي الملك أفضل. فاستشار النعمانَ بنَ زُرعة التَّغلبي، وكان قد قدم عليه، فقال: الرأي أن تتركهم على ما هم عليه، وتظهر الإضراب عن ذكرهم، فإذا جاء القَيظُ دَنَوْا من بلادك، واجتمعوا على ماء يقال له ذو قار، يتساقطون عليه تساقط الفراش في النار، فإذا نزلوا عليه فدونك وإياهم، ففعل أبرويز ما قال التغلبي، فلما نزلوا بذي قار أرسل إليهم أبرويز مع النعمان بن زرعة هذا يُخَيِّرهم بين ثلاث: إما أن يُسلموا الحَلْقَةَ، وإما أن يخرجوا من هذه الديار، وإما أن يأذنوا بالحرب، فقال هانئ للنعمان: لولا أنك رسول ما أبْتَ إلى قومك، انصرف.

فلما انصرف، أشار هانئ بن قبيصة على بكر بركوب الفلاة، وقال: لا طاقة لكم بكسرى، ولم يُرَ لِهانئٍ سَقْطَةٌ قبلها، فقال حنظلة بن ثعلبة العِجْليُّ: إن ركبنا الفلاة متنا عطشًا، وإن أعطينا بأيدينا قَتَلَ مقاتلتَنا وسبى ذرارينا، وما أرى غير الحرب. فنزلوا بذي


(١) انظر "تاريخ الطبري" ٢/ ٢٥٦، و"العقدة" ٥/ ٢٦٢.
(٢) في الصحاح (قور).
(٣) الشِّكَّة: السلاح.
(٤) رسمت في النسخ: "حسله" وما أثبتناه من الأغاني ٢٤/ ٦١، وفي "المنتظم" ٢/ ٣٣٥: قبيلة.