للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطعم وعنده امرأته أم الفتى، فقالت له: يا ابن أبي قحافة، لعلك مُصبئٌ صاحبنا ومُدخِلُه في دينك الذي أنت عليه إن تزوج إليك. فقال أبو بكر ﵁ وأرضاه: أبقول هذه تقول؟ قال: إنها تقول ذاك. فخرج من عنده وقد أذهب الله من نفسه عِدَتَهُ التي وعده بها، وقال لخولة: ادع لي رسول الله ﷺ فدعته. فزوجها منه وعائشة ﵄ يومئذ بنت ست سنين.

ثم خرجت خولةُ، فدخلت على سَوْدَةَ، فقالت لها: إن رسول الله ﷺ يخطبك، فقالت: ادخلي على أبي -وكان شيخًا كبيرًا- فاذكري له ذلك، فدخلت عليه فحيَّته بتحية الجاهلية، فقال: من هذه؟ قالوا: خولة بنت حكيم. قال: فما شأنُك؟ قالت: أرسلني محمد بن عبد الله أخطب عليه سودة. فقال: كفؤ كريم، فما قالت صاحبتُكِ؟ قالت: قد أجابت إلى ذلك. فقال: ادعيها إلي، فدعتها. فقال: يا بنية أتحبين ما قالت خولة؟ قالت: نعم قال: فاذهبي، فادعيه لي. قالت: فدعوت رسول الله ﷺ فجاء، فزوجه إياها.

قالت خولة. وكان أخوها عبد الله بن زَمعَة حاجًّا، فقدم فحثا التراب على رأسه، فقال بعد أن أسلم: إني لسفيه أحثي التراب على رأسي أن تزوج رسول الله ﷺ سودة بنت زمعة (١).

وفيها: قدم مكة سويد بن الصامت، وكانوا يسمونه: الكامل، لشرفه وحسبه وفضله. وهو القائل [من الطويل]

أَلا رُبَّ من يُدعى صديقًا ولو ترى … مقالته بالغيب ساءك ما يفري

يسرُّك باديه وتَحتَ أَديمه … نميمةُ غِشٍّ تبتري عَقِبَ الظهر

تُبين لك العينان ما هو كاتمٌ … وتُبْديهِ بالبغضاءِ والنظر الشَّزرِ

فَرِشْني بخير طالما قد بَرَيتني … فخير الموالي من يريش ولا يبري (٢)


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٥٧٦٩).
(٢) فَرِشْني: قوِّني، بريتني: أضعفتني.