للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الثانية عشرة من النبوة وفيها كان المعراج]

وقد اختلفت الروايات في أحاديث المعراج بما ورد في "المسند" (١) و"الصحيحين" (٢)، وغير ذلك.

وقد ذكر الثعلبي ذلك (٣) وأطال فيه، وذكر سِدرَة المنتهى، وأنه غشيها نور من نور الله، وغشيتها ملائكة كأنهم جَراد من ذَهب، فتحوَّلت حتى ما يستطيع أحد أن ينعتها، وأن جبريل انتهى به إلى حجاب من فراش الذهب، وأن ملكًا أخرج يده من الحجاب فاحتمله، وتخلَّف جبريل، فقال له: "إلى أَين"؟ فقال: هذا منتهى الخلائق، وإنما أُذِنَ لي في الدنو من الحجاب إجلالًا لك.

ثم دُلِّي له رَفْرَف أخضر يغلب ضَوْؤُه ضَوْءَ الشمس، وأنه وُضِعَ عليه، وحُمِلَ إلى العرش، قال رسول الله ﷺ: "لما رأيت العرش، اتضع عندي كل شيء، فقربني الله وأدناني إلى سند العرش، ووقعت على لساني قطرة من العرش فما ذاق الذائقون أحلى منها، فأنبأني الله نبأ الأولين والآخرين، وأطلق الله لساني بعد ما كَلَّ من هيبة الرحمن، فقلت: التحيات لله والصلوات الطيبات، فقال الله: سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فقلت: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فقال الله: يا محمد، هل تعلم فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: أنت أعلم يا رب بذلك، وبكل شيء، وأنت علام الغيوب، فقال: اختلفوا في الدرجات والحسنات، فالدرجات: إسباغ الوضوء في السَّبرات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، وأما الحسنات: فإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والتهجد بالليل والناس نيام.


(١) أخرجه أحمد في "المسند" (١٢٥٠٥) من حديث أنس بن مالك ﵁، و (٧٨٣٥) من حديث مالك بن صعصعة.
(٢) أخرجه البخاري (٣٢٠٧)، ومسلم (١٦٤) من حديث مالك بن صعصعة ﵁، وأخرجه مسلم (١٦٢) من حديث أنس ﵁. وأخرجه البخاري (٣٤٩)، ومسلم (١٦٣) من حديث أبي ذرّ ﵁.
(٣) في تفسير الآية الأولى من سورة الإسراء.