للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمر بالتأذين، فكان بلال يؤذن بذلك ويدعو رسول الله إلى الصلاة، فدعاه ذات غداة إلى الفجر، فقيل: إن رسول الله نائم، فصرخ بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم، مرتين. قال سعيد بن المسيب: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين لصلاة الفجر (١).

فالتأذين ثبت بحديث عبد الله بن زيد بإجماع الأمة، لا يُعرَفُ بينهم خلافٌ، إلا ما روي عن محمد بن الحنفية فإنه كان ينكر هذا، ويقول: أتعمدون إلى ما هو الأصل في شرائع الإسلام ومعالم الدين، فتثبتونه بمنامٍ كلّا، وإنما أخبرني أبي علي أنه ليلة أسري برسول الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وجمع له الأنبياء هناك، قام جبريل فأذَّن وأقام، فتقدم رسول الله فصلّى بهم، ثم أعاد جبريل الأذان في السماء، فسمعه عبد الله بن زيد، وعمر بن الخطاب في الأرض، فالأذان ثبت بقول جبريل لا بمنام يحتمل الصدق والكذب، وقد يكون أضغاث أحلام.

والجواب: لو ثبت الأذان بقول جبريل لما احتاجوا إلى المشورة، والمعراج كان قبل الهجرة، فلو تقدم فيه توقيف لما أشار البعض بالناقوس وغيره (٢).

وفيها: عقد رسول الله لحمزة رضوان الله عليه لواءً أبيض بيده، وهو أول لواءٍ عُقِدَ بيده، وكان يحمله أبو مرثد كنَّاز بن الحصين الغَنَوي حليف حمزة، وذلك في شهر رمضان على رأس سبعة أشهر من مُهاجَرِه، وبعث معه ثلاثين رجلًا من المهاجرين، ولم يبعث معه أحدًا من الأنصار لأنهم شرطوا عليه أن يمنعوه في دارهم لا خارجًا، وخرج حمزة يعترض لِعير قريش، لقي أبا جهل -لعنه الله- وهو في ثلاث مئة، واصطفوا للقتال، فحال بينهم مَجْدي (٣) بن عمرو الجُهَني، وكان حليفًا في قريش للفريقين، ومشى بينهم فلم يَجْر قتال، وعاد حمزة إلى المدينة ومضى أبو جهل إلى مكة (٤).

وفيها: عقد رسول الله لعبيدة بن الحارث بن المطلب لواءً في شوال، وأَمَره أن


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٦٤٧٧).
(٢) انظر "السيرة الشامية" ٣/ ٥٢٣.
(٣) جاء في "دلائل النبوة": مخشي.
(٤) الخبر في "السيرة" لابن هشام ٢/ ١٧٤، و"الطبقات الكبرى"٢/ ٦، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٤٠٢، و"دلائل النبوة" للبيهقي ٣/ ٨ - ٩، و"المنتظم" ٣/ ٨٠.