للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو الوليد، وقيل: أبو هاشم، وأمه: هند بنت المضرِّب أمُّ شيبة، لقي رسول الله ﷺ، فقال له: يا محمد، إن كنت تريد الشرف شرَّفناك وملّكناك، وإن كنت تريد المال موّلناك. فقال: "اسمَع يا أَبا الوَليدِ" وقرأ رسول الله ﷺ: ﴿حم (١)﴾ السجدة، فقال عتبة: هذا كلام ما سمعت بمثله، ثم التفت إلى قريش وقال: خَلُّوا بينه وبين العرب فليس بتارك أمره (١).

وكان عتبة سيدًا شريفًا شاعرًا، يسمى: ريحانة قريش، وكان يقال له: السيد المُمْلِق، ولم يعرف له من الرفث سوى قوله لأبي جهل: يا مُصَفِّر استه، ولحمزة ﵁: أنا سيد الحَلْفاء -يعني الأَجمة- وكان يتوهم أنه النبي المبعوث، وفيه نزل: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَينِ عَظِيمٍ (٣١)[الزخرف: ٣١] في أحد الأقوال.

وعتبة هو الذي أصلح بين كنانة وقيس بعد حروب أَفنتهم، نادى يوم عكاظ: يا معاشر قريش، إن أبعدكم إلينا قريب، فهلموا إلى الصلح وصلة الأرحام. فقالوا: من أنت؟ فقال: أنا عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف. قالوا: فما تعطونا؟ قال: إني أعرض عليكم أن نُعطيَ دية من أصيب منكم، ونعفو عمَّن أصيب منا، فما كان لنا عندكم من فضل فهو لكم، وما كان لكم من فضل أديناه إليكم. قالوا: نريد رهنًا بذلك، فأخرج إليهم خمسين غلامًا من قريش فيهم حكيم بن حزام، وقال: هؤلاء الغِلْمَةُ أَعزُّ مَن فينا، فإن وفينا وإلا أخذتم قَوَدَكُم، فلما رأت بنو عامر أن الرهن قد صار في أيديهم رقّوا ورغبوا في العفو، قال حكيم بن حزام: فأطلقونا عشية، وقالوا: الحقوا بأهلكم فقد اصطلح الناس (٢).

وقتل عتبة وله سبعون سنة، وقيل: إنّه جاوز المئة سنة.

ومن أولاد عتبة: أبو حذيفة، وأبو هاشم واسمه: شيبة، وقيل: هُشيم، وهو أخو أبي حذيفة لأبيه، وأخو مُصعب بن عُمير لأمه، أمهما: خُناس بنت مالك عامرية


(١) انظر " السيرة" ١/ ٢٦١ - ٢٦٢.
(٢) هو حرب الفجار الرابع، انظر "المنمق" ص ١٦٤ - ١٨٠، و"تاريخ دمشق" ٣٨/ ٢٤٠.