للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الخامسة من الهجرة]

فيها كانت غزاةُ ذات الرِّقاع على خلاف في ذلك (١)، غزا رسول الله- نَجدًا يريد بني مُحارب وغَطَفان، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان (٢)، وتقارب الناس للقتال، ولم يَجْرِ بينهم حرب، وغاب رسول الله عن المدينة خمس عشرة.

وقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري قال: خرجنا مع رسول الله في هذه الغزاة ونحن ستةُ نفر بيننا بعير نَعْتَقِبُه، قال: فَنَقِبَت أقدامُنا، وسقطت أظفاري، فكنا نَلُفُّ الخِرَق على أقدامنا وأرجلنا، فَسُمّيت غزاةَ ذاتِ الرقاع لما كنا به نَعْصب على أرجلنا من الخرق. قال أبو بردة: فحدث أبو موسى بهذا الحديث، ثم كره ذلك وقال: وما كنت أصنع بأن أذكره، كأنه كره أن يفشي شيئًا من عمله (٣). لأن عمل السر أفضل من عمل العلانية.

قال المصنف : هذا الحديث يدل على أن غزاة ذات الرقاع كانت بعد خيبر، لأن أبا موسى قدم على رسول الله بعد خيبر.

وكذا روى ابن إسحاق القصة عن أبي هريرة، وأبو هريرة إنما قدم على رسول الله بعد خيبر (٤).


(١) اختلف في زمنها، فمن ذكرها في سنة أربع ابن هشام في "السيرة" ٢/ ٢٠٣، والطبري في "تاريخه" ٢/ ٥٥٥، والذهبي في "السيرة" ١/ ٤٥٧، وابن كثير في "البداية والنهاية" ٤/ ٨٣.
وذكر الواقدي في "المغازي" ١/ ٣٩٥، وابن سعد في "الطبقات" ٢/ ٥٧، والبلاذري في "أنساب الأشراف" ١/ ٤٠٥، وابن الجوزي في "المنتظم" ٣/ ٢١٤ أنها في سنة خمس.
وذكر البخاري في باب غزوة ذات الرقاع قبل (٤١٢٥) أنها بعد خيبر.
(٢) ويقال: أبا ذر الغفاري "السيرة" ٢/ ٢٠٣.
(٣) أخرجه البخاري (٤١٢٨)، ومسلم (١٨١٦).
(٤) انظر "تاريخ الطبري" ٢/ ٥٥٦. وقال البيهقي في "الدلائل" ٣/ ٣٧٢: وروينا عن الواقدي في الغزوة التي غزاها محاربًا وبني ثعلبة أنها سميت ذات الرقاع لأنه جبل كان فيه بقع حمرة وسواد وبياض، فإن كان الواقدي حفظ ذلك فيشبه أن تكون الغزوة التي شهدها أبو موسى وأبو هريرة وعبد الله بن عمر غير هذه والله أعلم. وانظر "فتح الباري" ٧/ ٤١٧.