للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو الحسين بن المنادي: طول هذا البحر من القُلْزُم إلى الواق واق أربعة آلاف وخمس مئة فرسخ، وفيه خلجان عظيمة، منها خليجٌ يتصل بأرض الحبشة ويمتد إلى بلاد الزَّنج إلى مكان يقال له: بربرا، طوله خمس مئة ميل وعرضه مئة ميل، وليس هذا "بربرا" الموضع المعروف بالمغرب من أرض إفريقية، وإنما هو مكان آخر في أقصى الحبشة يسمى بهذا الاسم.

وقال أبو معشر: وليس في البحار أعظم من موجه، يرتفع مثل الجبال ثم ينخفض حتى يصير أوديةً عميقة.

وذكر أحمد بن محمد بن إسحاق في كتاب "البلدان" وقال: ليس في العالم أكبر من هذا البحر، يعني غير البحر المحيط، قال: فإنه يأخذ من المغرب وينتهي إلى الصين، فيمرُّ على النُّوبة والحَبَشة ثم على القُلْزُم ثم إلى وادي القرى وجُدَّة وزَبيد وعَدَن والشِّحْر وحَضْرَمَوت وعُمان والدَّيْبُل وفارس إلى المشرق (١). وجميع بلاد السند والهند عليه، صيفهم شتاؤنا وشتاؤنا صيفهم، فكانون وكانون وشباط مثل حَزِيران وتَمُّوز وآب عندنا، وعللوا ذلك بقرب الشمس من الأقاليم وبُعدها. قال: وذَكَر مَنْ له خبرة به أنَّ عمق الماء فيه في مواضع مئة باع وأكثر.

وقال أبو معشر: قد قسم أرباب الهيئة هذا البحر الشرقي في سبعة أقسام:

فالأول: بحر القلزم، ويمرُّ على النُّوبة والحبشة واليمن إلى عُمان، وطول هذا الخليج ألف وأربع مئة ميل، وعليه القُصَير وعَيذاب، وبين مدينة القُلْزم والفُسطاط ثلاثة أيام.

والقسم الثاني: بحر فارس، وأوله من الأُبُلَّة والبَصرة والبَحرين عند الخشبات، وهي علامات منصوبة من خشب في البحر يستدل بها أهل المراكب، وطول هذا الخليج أربع مئة فرسخ حتى يتصل ببحر الهند عند جبل يقال له: رأس الجُمْجُمة، وأول هذا الجبل من اليمن من ناحية الشِّحْر الأحقاف وآخره في الهند، وقد ذكرناه في الجبال، ولا يدرى أين غايته في البحر، وعلى هذا الخليج الذي يسمى بحر فارس من


(١) "مختصر كتاب البلدان" ص ١١.