للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السمكة جناحها فيكون كالقلع العظيم، وتخرج رأسها من الماء ثم تنفخ فيذهب الماء في الهواء أكثر من السهم، وأهل المراكب يخافونها فيضربون الدبادبَ لتنفر، وتبلع السمك الصغار فيُسمع لها دويّ، ولهذه السمكة آفة وهي سمكة صغيرة مقدار الذراع يقال لها: الكشنك، فإذا أراد الله هلاك الكبيرة جاءت الصغيرة فالتصقت بأصل أذنها وعضَّتها، فتغوصُ الكبيرة في الماء من شدَّة العضة إلى قرار البحر، وتضربُ نفسها بالأرض حتى تموت، وتطفو على رأس الماء كالجبل العظيم (١).

ونظير هذه السمكة الصغيرة الدويبةُ التي تقتل التمساح، لما نذكره (٢).

ومنها: أنَّ في هذا البحر سمكًا يبلع المراكبَ، وفيه سمك طيار وسمك على صور الجمال وجوههم كأنها البوم، وسمكٌ على صُوَرِ البقر يعمل من جلودها الدَّرَق، وفيه سمك في بطن كل سمكة مثلها وفي بطن الأخرى مثلها إلى عدة طبقات. وفيه سلاحف، استدارةُ ظهرِ السلحفاة عشرون ذراعًا وأكثر، وفي بطنها ألف بيضة، وفيه المعادن بأسرها.

قال ابن المنادي: وعليه مدينة في الهند يقال لها. مل، تنبت الفلفل، وعلى كل عنقود من عناقيد الفلفل ورقة تُكِنُّه من المطر، فإذا مضى زمان المطر ارتفعت الورقة وإذا عاد عادت.

فصل في البحر الرومي (٣)

ذكر ابن حوقل في كتاب "الأقاليم" قال: وأما بحر الروم فإنَّه يأخذ من البحر المحيط من المغرب في الخليج الذي بين المغرب والأندلس حتى ينتهي إلى الثغور الشامية، ومقداره في المسافة نحو من أربعة أشهر، وهو أحسن استقامةً واستواء من بحو فارس، وذلك لأنَّك إذا أخذت من فم هذا الخليج أَدَّتْكَ ريحٌ واحدةٌ إلى أكثر هذا البحر. قال: وبين القُلْزم الذي هو لسان بحر فارس وبين بحو الروم على سمت الفَرَمَا أربع مراحل (٤). قال: ويزعم بعض المفسرين في قوله تعالى: ﴿بَينَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (٢٠)


(١) انظر الخبر في "نزهة المشتاق" ١/ ٦٥، وفيه: "للشنك"، ومروج الذهب ١/ ٢٣١ - ٢٤٣.
(٢) سيذكره المصنف قريبًا في عجائب نهر النيل.
(٣) انظر "كنز الدرر" ١/ ١٦٧.
(٤) في "صورة الأرض": "ثلاث مراحل".