للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قطرة. قال: ويخرجون فَيشتدون في ثَنِيَّةٍ، فأعدو فألحق منهم رجلًا فأصكُّه بسَهْم في نُغض (١) كتفه وقلت: خذها وأنا ابن الأكوع. فقال: يا ثكلته أمه، أكْوَعُه بُكْرَةَ (٢)؟ قلت: نعم يا عدوَّ نفسه.

قال: وأوردوا فرسين على ثنيَّةٍ، فجئت بهما أسوقُهما إلى رسول الله . ولحقني عامرٌ بسطيحةٍ فيها مَذْقَةٌ من لبن، وسطيحةٍ فيها ماءٌ فتوضأت وشربت، فأتيت رسولَ الله وهو على الماء الذي حَلَّيْتهم عنه، فإذا رسول الله قد أخذ تلك الإبلَ، وكلَّ بُرْدَةٍ ورُمحٍ استنقذته من المشركين، وكلَّ شيءٍ خلَّصتُه، وإذا بلال قد نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم وهو يشوي منها لرسول الله ، فقلت: يا رسول الله، خَلِّني، وأَنْتَخِبُ من القوم مئة رجل فأتبعُ القوم فلا أُبقي منهم مُخبِّرًا إلا قتلته. فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه في ظل النار، وقال: "يا سَلَمةُ، أَتُراكَ كُنتَ فَاعِلًا"؟ قلت: نعم والذي أكرمك، فقال: "إِنَّهم الآَنَ ليُقْرَوْنَ في أَرضِ غَطَفانَ". فجاء رجل من غطفان فقال: نحر لهم فلان جَزورًا، فلما كشطوا جلده رأوا غبارًا، فقالوا: أتاكم القوم، فخرجوا هاربين، فلما أصبحنا قال رسول الله : "خَيرُ فُرسانِنَا اليَومَ أَبو قَتَادَةَ، وخَيرُ رَجَّالَتِنا سَلَمةُ".

قال: وأعطاني رسول الله سهمين: سهم للفارس وسهم للراجل، فجمعهما لي جميعًا، ثم أردفني رسول الله على العَضْباءِ راجعين إلى المدينة.

قال: فوالله ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله (٣). وسنذكر تمام الحديث إن شاء الله تعالى في غزاة خيبر.


(١) هو العظم الرقيق الذي على طرف الكتف، وقيل هو أعلى الكتف.
(٢) أي: أأنت الأكوع الذي كنت بكرة هذا النهار.
(٣) إلي هذا الحد الذي ذكره المصنف انفرد بإخراجه مسلم (١٨٠٧). وأما ذكر قصة خيبر فهي من المتفق عليها، وقال الحميدي في "الجمع بين الصحيحين" ١/ ٥٨٧: في هذا الحديث ذكر الإغارة على السرح، وقصة عامر وارتجازه، وقوله : "لأعطين الراية" مما قد اتفق البخاري معه على معناه، ولكن فيه من الزيادة والشرح ما يوجب كونه من أفراد مسلم.