للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومدح عبدُ الله بن رواحة رسولَ الله كثيرًا، وكان شاعرًا فصيحًا، واستنشده رسول الله فأنشد: [من البسيط]

يا هاشم الخَيْرِ إن الله فضلكم … على البرية فضلًا ماله غِيَرُ

إني تَفَرَّسْتُ فيك الخيرَ أعرِفُه … والله يعلم أَنْ ما خانني البصرُ

أَنتَ النبيُّ ومن يُحْرَمْ شفاعته … يَومَ الحسابِ فقد أَوْدى به القدرُ

فَثبَّتَ الله ما آتاكَ من حَسَنٍ … تَثبيتَ موسى ونصرًا كالذي نُصِرُوا

فقال رسول الله : "وأَنتَ يا عبدَ اللهِ فثبَّتَكَ اللهُ أَحسَنَ الثَّباتِ" (١).

وقال قيس بن أبي حازم: قال رسول الله لعبد الله بن رواحة: "انزل، فَحرِّك بنا الرِّكابَ" فقال: يا رسول الله قد تركتُ قولي، فقال له عمر بن الخطاب رضوان الله عليه: اسمع وأَطِع، فنزل وجعل يقول:

يا رب لولا أنت ما اهتدينا ...... الأبيات

فقال رسول الله : "اللَّهمَّ ارحَمهُ" فقال عمر: وجبت (٢).

ومعنى قوله: "تركت قولي" لما نزل قوله تعالى ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤)[الشعراء: ٢٢٤] قال ابن رواحة: هل ترى أنا منهم وترك الشعر، فنزل قوله تعالى ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الشعراء: ٢٢٧] الآية (٣).

وقد رثاه ورثى أصحابه حسان بن ثابت فقال: [من الطويل]

تأَوَّبَني ليلٌ بِيَثْرِبَ أَعْسَرُ … وهمٌّ إذا ما نَوَّمَ القومُ مُسْهِرُ

لذكرى حبيب هيجت ليَ عَبْرةً … سَفوحًا وأَسباب البكاءِ التذكُّرُ

بلى إن فِقْدانَ الحبيبِ بَليَّةٌ … وكَمْ من كريمٍ يُبْتلى ثم يَصْبِرُ

رأيتُ خِيار المؤمنين تتابعوا … بمُؤتَةَ منهم ذو الجناحَينِ جَعفرُ

وزيدٌ وعبدُ الله اِبنُ رواحة … تداعوا وأسباب المنيَّةِ تخطرُ


(١) انظر "الطبقات" ٣/ ٤٨٩، و"تاريخ دمشق" ٢/ ٦، و"سير أعلام النبلاء" ١/ ٢٣٤.
(٢) "الطبقات الكبرى" ٣/ ٤٨٨.
(٣) "الطبقات الكبرى" ٣/ ٤٨٩.