للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيما بيننا وبينكم إلّا تَجَدُّدًا أَبَدَ الدهر سَرْمدًا.

فقال رسول الله : "ما أعرَفَني بحقِّكُم وأَنتم على ما أسْلَفتُم عليه مِنَ الحِلْفِ، وكلُّ حِلفٍ كانَ في الجاهِليَّةِ لا يَزيْدُه الإسلامُ إلَّا تَأكِيدًا" (١).

ولمسلم: عن جابر بمعناه، ولفظه: قال رسول الله : "لا حِلْفَ في الإسْلامِ، وأَيُّما حِلْفٍ في الجاهِليَّةِ لم يَزِدهُ الإسلامُ إلَّا شِدَّةً، ولا حِلْفَ في الإسلام" (٢).

قال الواقدي: وكان آخرَ ما كان بين خزاعة وكنانة وبكر أن أنس بن رهم الدِّيلي هجا رسولَ الله فسمعه غلامٌ من خزاعةَ فضربه فشجَّه، فثار الشرُّ مع ما كان بينهم من العداوة، فلما دخل شعبان هذه السنة كلَّمت بكرٌ أشرافَ قريش في النُّصرة على خزاعة، فأعانهم على ذلك صفوان بن أميَّة ومِكْرَزُ بن حفص وحُوَيْطبُ بن عبد العزى وعِكرمةُ بن أبي جهل ولم يشاوروا أبا سفيان بن حرب، وقيل: إنهم شاوروه فأبى عليهم، ثم اتَّعدوا الوتيرَ: ماءٌ قريب من مكّة، وخرج رؤساء قريش بمن معهم إلى بكر، ورأس بكر نوفل بن معاوية الدِّيلي، فبيَّتُوا خزاعةَ ليلًا وهُمْ غارُّون، فلم يزالوا يقاتِلونهم حتَّى انتهَوْا إلى الحرم ودخلوا دارَ زَيْدِ بن وَرْقاء، وعاد رؤساء قريش في عمايةِ الصُّبْحِ إلى منازلهم وهم يظنون أنهم لم يُعْرَفوا وأَنَّ هذا لا يبلغ رسولَ الله . وقَتَلوا من خُزاعة عشرين، فلما أصبحوا ندمت قريشٌ وعرفوا أنَّه سببٌ لنقض العهد بينهم وبين رسولِ الله (٣).

وجاء الحارثُ بن هشام وعبدُ الله بن أبي ربيعة إلى أبي سفيان بن حربٍ وأخبراه بما فعل القومُ، فقال: هذا أمر لم أشهده ولم أغب عنه وإنه لشرٌّ، والله ليغزونا محمد، ولقد حدثتني هند بنت عتبة أنها رأت رؤيا كرهتها، رأت دمًا أقبل من الحَجون يسيلُ حتَّى وقف بالخَنْدَمةِ، فكره القومُ ذلك، فقال له الحارث: ما لها سِواك؛ اُخْرجْ إلى محمد فكلِّمه في تجديد العهد وزيادة المدة.


(١) "المغازي" ٢/ ٧٨١ - ٧٨٢.
(٢) أخرجه أحمد (١٦٧٦١)، ومسلم (٢٥٣٠) من حديث جبير بن مطعم، وليس من حديث جابر.
(٣) "المغازي" ٢/ ٧٨٣ - ٧٨٤.