للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: "الآن حَميَ الوَطِيسُ".

وروى عبد الله بن بُرَيْدَةَ عن أبيه قال (١): انكشف الناسُ يومَ حُنينٍ عن رسول الله ﷺ ولم يبق معه إلا رجل يقال له: زيد، أخذ بعنان بغلته الشهباء فقال له: "وَيحكَ ادعُ النَّاسَ"، فنادى: أيها الناسُ، هذا رسول الله ﷺ فلم يجبه أحد، فقال: "ادعُ الأنصارَ" فنادى: يا معشر الأنصار، فلم يجبه أحد، فقال: "خُصَّ الأوسَ والخزرجَ" فنادى: يا معشر الأوسِ والخزرج، فلم يجبه أحد، فقال: "ويحكَ ادعُ المهاجرينَ، إن للهِ في أعناقِهم بيعتَيْنِ وهذا رسُولُ الله ﷺ يَدْعوهُم" فأقبل منهم ألف قد كسروا جفون سيوفهم، فأتوا رسول الله ﷺ ثم مشوا قُدُمًا حتى فتح الله على يديه (٢).

وعن العباس ﵁ قال: لما كان يوم حنين التقى المسلمون والمشركون، فولَّى المسلمون يومئذ، ولقد رأيتُ رسول الله ﷺ وما معه إلا أبو سفيان بن الحارث آخذ بثَفَرِ (٣) بغلة رسول الله ﷺ فأخذتُ بلجامها وكنت رجلًا صيِّتًا، فقال: "يا عباسُ، اصرخ بالأنصار: يا أصحاب السَّمُرةِ" فناديت، فأقبلوا كأنهم الإبلُ إذا حنَّت إلى أولادها، يقولون: لبَّيكَ لبَّيكَ، وثاب الناس، فقال رسول الله ﷺ: "الآنَ حميَ الوَطيسُ" ثم أخذ بيده من الحصى فرماهم به ثم قال: "انْهَزمُوا ورَبِّ الكَعبَةِ" فانهزموا، وركَضَ رسول الله ﷺ بغلته خَلْفَهم (٤).

وقيل: لما ناداهمُ العباسُ ﵁ رجعوا وهم يقولون: الكرة بعد الفرة، ورسول الله ﷺ يقول: "اللَّهمَّ إنِّي أَنشُدكَ وعْدَكَ، اللَّهمَّ لا ينبغي لهم أَن يظهروا علينا" (٥).

وقال هشام بن الكلبي: ثبت مع رسول الله ﷺ ثلاث مئة رجل من أهل بيته وغيرهم.

وسأل رجلٌ البراءَ بن عازب فقال: أفررتم عن رسول الله ﷺ يوم حُنَيْن؟ فقال


(١) أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" ٥/ ١٢٩.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ٧/ ٤١٧، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٦/ ١٨١، وقال: رواه البزار ورجاله ثقات.
(٣) الثفر: بالتحريك، السَّيْر في مؤخر السرج.
(٤) "المغازي" ٣/ ٨٩٨ - ٨٩٩.
(٥) "المغازي" ٣/ ٨٩٩.