للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمَنْف، وبنت دلوكة الملكة مقياسًا بإخْمِيم، وفي أيامها عُملت الطِّلَّسْمات بمصر.

فأما المقاييس التي بنيت بمصر في الإسلام فأولُ من بنى مقياسًا عبد العزيز بن مروان بن الحكم لما ولي مصر، بناه بحُلوان فوق الفسطاط، وهذا المقياس الظاهر بناه المأمون، وقيل: إنما بناه أسامة بن زيد التَّنوخي ودثر، فجدده المأمون، وأسامة بناه في أيام سليمان بن عبد الملك بن مروان، وبنى أحمد بن طولون مقياسين أحدهما بقُوص وهو قائم اليوم، والآخر بالجيزة وقد انهدم.

[فصل في الفرات]

وأصلها من الفَرْت وهو الشق، قال الجوهري: والفرات اسم نهر بالكوفة، والفراتان: الفرات ودُجَيل. والفرات: الماء العذب. يقال: ماء عذبٌ فرات (١).

واختلفوا في مخرجها على قولين: أحدهما: أنها من جبل ببلد الروم يقال له: افرذهخش، بينه وبين قاليقلا مسيرة يوم، والثاني: أنها تخرج من أطراف أرمينية ثم تجري إلى بلاد الروم.

ويجتمع إليها أعين كثيرة ويصبُّ إليها خليج من بحيرة المازريون، وليس ببلاد الروم بحيرة أكبر منها، دَوْرها أكثر من شهو، ثم يمرُّ الفراتُ بأرضِ مَلَطْيَة على مسيرة ميلين منها، ثم يمرُّ على صُمَيصات (٢) وقلعة الروم والبيرة وجسر مَنْبِج وبالِس وقلعة جَعبر والرَّقة والرَّحْبَة (٣) وقَرْقيسِيا وعانَة والحَدِيثَة وهِيت والأنبار.

ومن تحت الأنبار يأخذ منها نهر عيسى، ونهر الملك، فيصبان في دجلة، ثم يمر الفرات بالطفوف، ثم بالحلة، ثم بالكوفة، وينتهي إلى البطائح، ويصب في البحر الشرقي.

قالوا: ومقدار جريانها على وجه الأرض أربع مئة فرسخ، وقد كانت تمر ببلاد الحِيرة، ونهرها بيَّن إلى هلمَّ جرَّا، ويعرف بالعتيق، وعنده كانت وقعة القادسية، وكان


(١) "الصحاح": (فرت).
(٢) في "معجم البلدان": "سُمَيساط".
(٣) وهي رحبة مالك بن طوق. "معجم البلدان" ٣/ ٣٤.