للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فربَّ عظيمةٍ دافَعْتَ عنهم … وقد بَلغَت نُفوسُهم التَّراقِي

وربَّ مُنَوِّهٍ بكَ من سُلَيْمٍ … أَجَبْتَ وقد دعاكَ بلا رِماق

وربَّ كريمةٍ أَعْتَقْتَ منهم … وأُخرى قد فَكَكْتَ مِنَ الوَثاق

فكانَ جَزاؤُنا مِنْهم عُقوقًا … وهمًّا ماعَ منهُ مُخُّ ساقِ

وهرب سَلَمةُ بنُ دريد مع مالك بن عوف، فلما طلع مالك على ثَنيَّةٍ قال لأصحابه: قفوا حتى يمضيَ ضُعفاؤكم ويلحقوا بإخوانكم، ووقف حتى مضوا (١).

واختلفوا في سِنِّ دريد، فقيل: ستون ومئة سنة، وقيل: مئة وسبعون سنة، وقيل: مئتا سنة وعِشْرون سنةً.

وقال أبو عبيدة: كان دُريد ميمونَ النقيبة، غزا مئة غزوة، وأدرك أوَّلَ الإسلام ولم يسلم حتى قُتِلَ كافرًا.

وكانت بنو يربوع قتلوا الصِّمةَ، فأوقع بهم دريدٌ فقتلهم.

وكان له إخوة: عبد الله وعبد يغوث وقيس وخالد بنو الصِّمة، وأمهم جميعًا ريْحانةُ بنت معدي كَرِب الزبيدي أخت عمرو، وكان الصِّمة سباها (٢) ثم تزوجها، فأولدها بنيه، وفيها يقول أخوها عمرو: [من الوافر]

أَمِنْ ريحانةَ الداعي السميعُ … يُؤرّقني وأصحابي هجوع

وأما عبد الله فيقال له: العارض، أغار هو ودريد على نَعَمٍ لقيس فاستاقوها، فلما كانوا ببعض الطريق نزل عبد الله في مكان، فقال له دريد: لا تفعل، فجاءت قيسٌ فأحاطت بهم، فأول من قتل عبد الله وكان أشجع إخوة دريد، فقال دريد: [من الطويل]

أَمَرْتُهُمْ أَمْري بِمُنْعَرَجِ اللِّوى … فلم يستبينوا الرُّشْدَ إلا ضُحى الغَدِ

فلما عَصَوني كنتُ منهم وقد أرى … غَوايتهم وأَنَّني غَيْرُ مُهْتَدِ

وما أنا إلاَّ من غَزِيَّة إِنْ غَوت … غَوَيْتُ وإن تَرْشُد غَزيةُ أَرْشُدِ

فقلت لهم ظُنّوا بأَلفَيْ مُدَجَّجٍ … سَراتُهم في الفارسيّ المُسَرَّدِ


(١) "المغازي" ٣/ ٩١٦.
(٢) في النسخ: "سماها"، والمثبت من الأغاني ١٠/ ٤.