للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخَشينا أن يُخبِرَ محمدًا بخَللٍ رآه في حصنِنا. فقال أبو محجن: لا تخافوا، فليس على محمدٍ أشدُّ منه وإن كان معه. فلمّا رجع إلى رسول الله قال له: ما الذي قُلْتَ لهم؟ قال: قلتُ لهم: ادخلوا في الإسلامِ؛ فواللهِ لا يبرحُ محمدٌ عُقْرَ داركم حتى تنزِلوا، فخُذوا لأنفسكم أمانًا، فإنه قد نزل ساحة غيركم: بني قينقاع والنضير وقُريظة وخيبر أهل العِدَّةِ والحَلْقةِ، فقال له رسول الله : كذبتَ، قلتَ لهم كذا وكذا، الذي قال، فقال عُيينةُ: أَستغفرُ اللهَ، فقال عمر : دعْني أَضرب عُنُقَه، فقال رسول الله : "لا يتحدَّثُ الناسُ أَني أَقتلُ أصحابي". وأَغلظ له أبو بكر وقال: ويحك يا عُيينة، إنّما أنت أبدًا تُوضعُ في الباطل، لنا مِنْكَ من يوم بني النضير وقريظة وخيبر والخندق، تُجْلِبُ علينا وتقاتِلُنا بسيفك، ثم أسلمتَ كما زعمتَ فتحرِّضُ علينا عدوَّنا؟! فقال: أستغفرُ اللهَ وأتوب إليه، لا أعود إليه أبدًا (١).

ودخل رسول الله على أم سلمة وعندها عبد الله بن أبي أمية والمخنث يقول له: إن فتح الله عليكم الطائفَ غدًا فعليك بابنة غَيْلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فسمعه رسول الله فقال لأم سلمة: "لا يَدخُلْ هذا عليكِ" (٢).

ذكر رحيل رسول الله -

قال ابن إسحاق: قال رسول الله لأبي بكر رضوان الله عليه وهو محاصرٌ ثقيفًا: "يا أبا بكر إني رأيت كأنني أُهْدِيَت لي قَعْبَةٌ مملوءة زُبْدًا، فنقرها ديكٌ فهرَاق ما فيها". فقال: يا رسول الله، ما أظنك تدرك منهم ما تريد، فقال رسول الله : "ولا أنا، ما أرى ذلك".

ثم إن خولة بنت حكيم بن أمية بن الأوقص السُّلَمِيَّةَ امرأة عثمان بن مظعون قالت: يا رسول الله أعطني إن فتح الله عليك الطائف حُلِيَّ باديةَ بنتِ غَيْلان بن سلمة أو حُلِيَّ الفارعةِ بنت عَقيل وكانتا من أجمل نساء ثقيف، فقال لها رسول الله : "وإنْ لم يَكُن أُذِنَ لي في ثَقيفٍ"، فخرجت إلى عمر بن الخطاب رضوان الله عليه فأخبرته،


(١) "المغازي" ٣/ ٩٣٢ - ٩٣٣، و"الطبقات" ٦/ ١٧٧ - ١٧٨.
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٣٥)، ومسلم (٢١٨٠).