للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: إن روحانيّ الهرم الشرقي في صورة امرأة عريانة لها ذوائب، فإذا أرادت أن تستهوي أحدًا ضحكتْ ودعته إلى نفسها، فيدنو منها فيهيم على وجهه فيهلك، وقد رآها جماعة تدور حول الهوم وقت القائلة.

قالوا: وروحانيّ الهرمِ الغربيِّ غلام أمرد عريان أصفر اللون، وقد رؤي وقت المغوب وهو يدور حول الهرم. وهناك هرم مُلَوَّن وروحانيّه شيخٌ نوبي عليه بُوْطُل (١) وبيده مبخرة، وقد رُؤي ليلًا حول الهرم.

ولما ملك ابن طولون (٢) مصرَ حفر على أبواب الأهرام فلم تعرف، فوجدوا في الحفر قطعةَ مرجان مكتوب عليها سطور باليوناني، فأحضر من يعرف ذلك القلم، وإذا هي أبيات شعر فترجمت فكان فيها:

أنا بانيُ الأهرامِ في مصرَ كلها … ومالكها قدمًا بها والمقدَّمُ

تركتُ بها آثارَ علمي وحكمتي … على الدهرِ لا تبلى ولا تتثلَّمُ

وفيها كنوزٌ جمَّة وعجائبٌ … وللدّهرِ لينٌ مرةً وتهجُّمُ

وفيها علُومي كلُّها غيرَ أنني … أرى قبلَ هذا أَن أموتَ فتعلمُ

سَتُفْتَحُ أقفالي وتبدو عجائبي … وفي ليلةٍ في آخرِ الدهرِ تنجم

ثمانٍ وتسعٌ واثنتانِ وأربعٌ … وتسعون من بعد المئين تسلم

ومن بعد هذا جزء تسعين برهة … وتلقى البرابي تستحرّ وتهدم

تدبَّرْ مقالي في صخورٍ قطعتها … بسيفي وأَفْنَى قبلها ثم تُعْدَم

فجمع ابن طولون الحكماءَ وأمرهم بحساب هذه المدة فلم يقدورا على تحقيق ذلك فيئس وزال الطمع.

ومنها: المطالب، وهي كثيرة بمصر، إلا أنَّ الغالبَ عليها أنَّ لها طِلسماتٍ تمنعُ من الوصول إليها.

وحكى الهيثم بن عدي وغيره، أنَّ رجلًا جاء إلى عبد العزيز بن مروان وهو على


(١) البُرطل: القلنسوة. "القاموس المحيط": (برطل).
(٢) كان تملك أحمد بن طولون مصر سنة (٢٥٤ هـ) كما سيذكر ذلك المصنف.